لقاء مع المنشد الكبير سعد المنتصر حاورته: مدير وكالة الراصد الدولية للأنباء فرع الجزائر/ سمية معاشي

لقاء مع المنشد الكبير سعد المنتصر
حاورته: مدير وكالة أنباء الراصد الدولي سمية معاشي
السبت 9نوفمبر
________
في هذا الحوار، نسلط الضوء على الفنان الذي استطاع أن يدمج بين الفن والرسالة، متأثراً بالقضايا الإنسانية والعربية، وخاصة القضية الفلسطينية. الفنان الذي حمل على عاتقه هموم أمته، واختار الغناء في سبيل نشر الوعي وتعزيز التلاحم العربي في مواجهة التحديات المختلفة. نلتقي به اليوم لنتعرف على رحلته الفنية، وكيف استطاع أن يوازن بين الإبداع الفني والرسالة الإنسانية في ظل الظروف الراهنة. سنناقش معه تأثير الفن على المجتمع العربي، وكيف يمكن للفنان أن يتعامل مع الانتقادات والتحديات التي تواجهه في عالم الموسيقى اليوم، وكذلك الدور الذي يلعبه في تعزيز الوعي بقضايا العروبة والإنسانية من خلال أعماله.
مرحبا بك
كمنشد، ما الذي ألهمك للغناء حول قضايا العروبة والإنسانية، وخاصة قضية فلسطين؟
أنا إنسان أؤمن بقيم العدالة والحرية والكرامة، وأكره الظالمين وأتألم للمظلومين. هذه هي صفات الإنسان السوي، وكل إنسان سوي يقف في صف المظلومين. فكيف بي وأنا فنان، والفنان أكثر الناس تفاعلاً مع القضايا الإنسانية أينما كانت؟ مشاعر الفنان تتخطى حدود الزمان والمكان لتتفاعل مع أي قضية إنسانية في هذا العالم.
ولا شك أن تفاعلي مع القضايا العربية سيكون أكبر، لأنني عربي، والقومية العربية تجمع فكرنا ومشاعرنا رغم الحدود. من البديهي أن أتأثر بقضايا قومي وأتفاعل معها، ولا سيما قضية فلسطين التي هي قضيتنا الأم. لقد تفاعلت بشكل عميق جداً مع القضايا العربية والإنسانية منذ طفولتي، لكنني لم أكن أستطيع التعبير عن هذا التفاعل حتى اكتشفت موهبتي الفنية، التي وجدتها الأداة الفاعلة للتعبير عن أفكاري ومشاعري وإيصال صوتي إلى الناس.
هذا كتابك أيها السنوار، ما الرسالة التي تود إيصالها من خلاله؟
أردت أن أشارك بصوتي في تخليد ذلك البطل الأسطورة، فالفن له تأثير طويل المدى في ذاكرة الناس ووجدانهم.
وأردت كذلك أن أنتصر للقضية الفلسطينية، فالسنوار استشهد وهو يناضل من أجل فلسطين، وهو أحد رموزها العظماء.
وأردت أن أقول لأبطال غزة: نحن معكم، وأقول للشعوب العربية: ناصروا غزة بما تستطيعون، وأقول للأعداء: لن ننكسر بعد استشهاد السنوار، وسنظل ثابتين صامدين حتى النصر.
كيف ترى دور الفن في تعزيز الوعي بالقضايا الإنسانية والسياسية في العالم العربي؟
للفن دور عظيم جداً في تعزيز الوعي الجماهيري في هذا العصر بالقضايا الإنسانية والسياسية في العالم العربي، ولا سيما بانتشار القنوات الفضائية والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي. من أقوى الفنون تأثيراً هي الأغنية الإنسانية والسياسية، لأنها نتاج اجتماع القصيدة البليغة والألحان المؤثرة والصوت الصداح. وهذه العناصر الثلاثة هي الأعمق تأثيراً في وجدان الناس.
الأغنية سريعة الوصول إلى الناس وبالغة التأثير، ولهذا فهي تساهم مساهمة فاعلة جداً في تعزيز الوعي الجماهيري وتوحيد فكر الناس وشعورهم.
كيف تتعامل مع الانتقادات التي قد توجه لك بسبب مواضيع معينة في أغانيك؟
الفنان مُعرض للانتقادات، وعليه أن يتقبل تلك الانتقادات بصدر رحب.
ما دام الإنسان يقدّم شيئاً، فإنّ ما يقدّمه يلاقي انتقادات، وهذا دليل واضح على أن الناس قد تفاعلوا معه، وهذه شهادة يجب أن يعتز بها ويفتخر بدلاً من أن يحزن وينكسر. الذي لا يلاقي الانتقادات هو الذي لا يقدّم شيئاً.
النقد أصلاً لبيان الجيد والرديء في الفن، وهذا ما نُسمّيه النقد البنّاء.
هناك من ينتقد بدافع المحبة، وهؤلاء أشكر لهم انتقادهم وأستفيد منه. وهناك من ينتقد بغرض الإحباط والتحطيم، وهؤلاء أتعامل معهم باحترام ولياقة، ويكفيني منهم أنهم يتابعون أعمالي.
هل هناك تجارب شخصية أو أحداث معينة أثرت في أسلوبك الفني ومضمون أغانيك؟
لا شك أن لكل فنان تجارب شخصية تؤثر في أسلوبه الفني ومضمون أغانيه. وكل تجربة شخصية عند الفنان تتحول إلى تجربة عامة، فالفنان لا يعيش لنفسه فحسب، بل هو يعيش لمجتمعه أكثر مما يعيش لنفسه.
كما أن الأحداث العامة هي الأكثر تأثيراً في أسلوبي الفني ومضمون أغنياتي، ولكن بما يتناسب مع نفسيتي وموهبتي.
كيف تتعامل مع التحديات التي تواجهها في تناول قضايا حساسة مثل القضية الفلسطينية؟
كل الأعمال التي أقدمها هي تحديات أعمل بكل طاقاتي على النجاح فيها. كل قضية أشعر أنها قضيتي أنا في المقام الأول، ولهذا يراودني شعور عميق جداً أن المسؤولية تقع أولاً على عاتقي لأنتصر لها. أشعر أن الجمهور ينتظر مني أن أقدّم شيئاً، ولهذا أُسارع إلى إنتاج عمل فني في كل قضية، ولا سيما القضية الفلسطينية التي هي أم القضايا جميعاً.
ما هي الرسالة التي تأمل أن تصل إلى جمهورك من خلال أغانيك؟
رسالتي التي آمل أن تصل إلى جمهوري هي أن يتفاعل جمهوري مع القضايا التي أغني لها، وليست غايتي أن يتفاعل الجمهور معي أنا شخصياً.
إن كل أغنية أقدّمها هي رسالة أود إيصالها بحسب المحتوى الذي أقدّمه. رسالتي التي آمل إيصالها هي أن يتفاعل الجمهور مع القضية التي أغني لها وينصروها بما يستطيعون. فإذا شعرت أن أغنيتي قد أثّرت في الجمهور، أستطيع القول إن رسالتي قد وصلت.
كيف توازن بين الرسالة الفنية والجانب التجاري في عالم الموسيقى اليوم؟
الفن أعظم رسالة إنسانية لأنه يعمل على إحياء القيم النبيلة في نفوس الناس. إذا صار الفن وسيلة تجارية، فإنه يفقد معانيه العظيمة. قد ينجح تجار الفن في جني الأموال الكثيرة، ولكنهم سيخسرون الأجر العظيم من الله، ويخسرون محبة الناس واحترامهم.
ليس عيباً أن يجد الفنان مردوداً مادياً من أعماله الفنية، لأنه لا يستطيع أن يعمل في أي مجال يوفر له ولعائلته لقمة العيش ليحيا حياة كريمة، ولكن العيب أن يجعل الفنان كسب المال هو غايته.
كل عمل فني يحتاج لكي يخرج إلى الناس إلى الكثير من المال، في حين أنه لا يجد دعماً من أحد. ولهذا فلا بد لكي يستمر الفنان في الإنتاج أن يأخذ ما يستعين به على مواصلة الإنتاج وكسب لقمة العيش. ما يأخذه الفنان هو من أجل لقمة العيش ومواصلة الإنتاج، وليس مقابل أعماله الفنية. فالفن هو أعظم من كل ما في الدنيا من أموال وكنوز.
في ظل التحديات التي تواجهها الساحة الفنية في اليمن، كيف تحافظ على أصالتك الفنية؟
التحديات كثيرة، ومنها صعوبة الإنتاج، ولا سيما في ظل الحرب. ولكنّ التحدي الأكبر هو التنافس الجنوني للشهرة، كيفما كان المحتوى الذي يُقدَّم. هناك الكثيرون الذين يبحثون عن الشهرة ولو نالوها بتقديم محتوى تافه ومنحط.
أنا لن أنجر وراء التنافس المجنون من أجل الشهرة والكسب المادي، ولن أقدّم إلا أعمالاً راقية أقتنع بها. سأظل كذلك حتى لو لم يتبقَّ لي من الجمهور إلا القليل، مع أنني على يقين أن الجمهور لا يحب ولا يحترم سوى الفنان الذي يحافظ على أصالته الفنية.
ما هي أبرز التحديات التي تواجهها كفنان عربي في الساحة الفنية الحالية؟
هي ذات التحديات التي أواجهها في الساحة اليمنية، ولكن في جمهور أوسع هو الجمهور العربي. ما يحدث في الساحة الفنية في اليمن يحدث في الساحة الفنية في الوطن العربي بأكمله. أغلب ما يُقدَّم في الفن ليس راقياً، بل إن التنافس صار من أجل تقديم المحتوى التافه بحجة أن الجمهور يريد هذا. بينما الجمهور وإن شاهد المحتوى عديم القيمة، يبحث عن المحتوى الراقي.
كثيرون نالوا الشهرة، ولكنهم خسروا احترام الناس لهم.
سأظل أقدّم الأعمال ذات القيمة العالية، محافظاً على أصالتي الفنية مهما كان.
هل هناك فنانون أو منشدون آخرون تأثرت بهم في مسيرتك الفنية؟
قد أكون متأثراً ببعضهم، ولكنني أسمع كل صوت جميل. وهذا يكفي.
كيف ترى تأثير الموسيقى على الشباب العربي اليوم، وخاصة في ظل الظروف الراهنة؟
للموسيقى أعظم تأثير، ولا سيما في هذا العصر. فهي الأكثر والأعمق وصولاً إلى وجدان الناس، وخصوصاً الشباب الذين هم الأكثر تفاعلاً وحيوية واندفاعاً وطموحاً.
الموسيقى بالغة التأثير في كل الظروف، ولكنها أكثر تأثيراً في هذه الظروف، لأن الموسيقى هي وسيلة التواصل الأنقى والأرقى، وهي الشيء الوحيد الذي يتفق على حبه الشباب العربي جميعاً.
ما هي المشاريع المستقبلية التي تعمل عليها لتعزيز قضايا العروبة والإنسانية؟
هناك الكثير من المشاريع المستقبلية التي أعتزم إنتاجها لتعزيز القضايا العربية والإنسانية. أفكر في تطوير أعمالي الفنية من حيث الكلمات والألحان والأداء بما يتناسب مع التطورات المتسارعة في القضايا المحلية والعربية والإنسانية.
لا بد أن أحافظ على مكانتي الفنية. صعبٌ أن تصل إلى مكانة رفيعة، ولكن الأصعب هو أن تحافظ على تلك المكانة.
ليس المهم أن أستمر في تقديم أعمالي الفنية، ولكن المهم هو أن أقدّم أعمالاً
