الكاتب والاحترام المفقود: ضرورة وضع قيمة للذات في عالم يتجاهل الثقافة..كتبت: سمية معاشي
الكاتب والاحترام المفقود: ضرورة وضع قيمة للذات في عالم يتجاهل الثقافة..كتبت: سمية معاشي
يُعتبر الكاتب جزءًا أساسيًا في تطور المجتمع الثقافي والفكري، إذ يُسهم في نقل الأفكار، وتنمية الوعي، وتعزيز القيم الإنسانية. لكن مع مرور الوقت، أصبح الكاتب يواجه تحديات كبيرة في ما يتعلق بتقدير قيمته والمكانة التي يستحقها في مجتمع أصبح يستهين بالكثير من الجهود الفكرية بينما يولي اهتمامًا مفرطًا للمواضيع السطحية والتفاهات التي لا تضيف قيمة حقيقية للحياة الاجتماعية.
من المؤسف أن العديد من الكتاب يجدون أنفسهم في مواجهة ظاهرة متنامية من التقليل من شأنهم، حيث يتم تجاهل القيمة الفكرية والإبداعية لعملهم، بينما تُخصص الموارد والأضواء لتفاهات ومظاهر لا تحمل أي عمق فكري. لا يقتصر هذا الإهمال على قلة التقدير المعنوي فقط، بل يشمل أيضًا عدم الالتزام بحقوق الكاتب المادية. ففي كثير من الأحيان، يُطلب من الكاتب المشاركة في مناسبات ثقافية أو اجتماعية دون التعويض المالي الذي يتناسب مع حجم عمله وأثره. وقد يصل الأمر إلى تقليل شأن الكاتب أمام الجمهور، مما يساهم في نشر فكرة أن الكتابة ليست مهنة ذات قيمة حقيقية.
من أجل إعادة الاعتبار للكاتب، يجب على الكتاب أن يضعوا لأنفسهم شروطًا واضحة ومحددة عند قبول الدعوات أو المشاركة في المناسبات. لا ينبغي أن يكون الكاتب مجرد ضيف يتلقى الدعوات من أجل إضفاء طابع ثقافي على حدث معين دون أن يحصل على مقابل يتناسب مع عمله. يجب على الكتاب أن يحددوا معاييرهم الخاصة من حيث الأجر أو تقدير العمل عند المشاركة في هذه الأنشطة، وأن يُصروا على عدم قبول أي نوع من الإهانة أو الاستهانة بمكانتهم.
من الأهمية بمكان أن يُدرك الكاتب قيمته الذاتية. عندما يكون الكاتب واثقًا من عمله ومدى تأثيره في المجتمع، يصبح قادرًا على تحديد علاقاته المهنية والثقافية بشكل أكثر احترافية. ينبغي للكتاب أن يرفضوا التواجد في مناسبات أو أحداث لا تقدر جهودهم وتُهين مكانتهم الأدبية والفكرية. إن بناء شبكة علاقات تعتمد على الاحترام المتبادل والقيمة الفكرية يمكن أن يُسهم في خلق بيئة ثقافية صحية تُعزز من مكانة الكتاب في المجتمع.
إن التقدير الحقيقي للكاتب لا يجب أن يكون مقتصرًا على الكلمات الجميلة أو المدائح الفارغة، بل يجب أن يشمل الاعتراف الحقيقي بجهوده من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي. وبدلاً من تقبل الإهانة أو التقليل من القيمة الذاتية، يجب على الكتاب أن يتخذوا مواقف حازمة تضمن لهم حقوقهم وتُعزز من مكانتهم. إن وضع شروط واضحة للمشاركة في المناسبات أو رفض الدعوات التي لا تتناسب مع مكانتهم يُعد خطوة هامة نحو إرساء ثقافة تقدير الكتاب والفكر في المجتمع.
كتبت: سمية معاشي على _ وكالة الراصد الدولي_