الثقافة والفن

حوار مع الفيلسوف العراقي ( د.حسام العراقي) !بقلم الأديب الدكتور فارس الحسيني / جمهورية العراق 

حوار مع الفيلسوف العراقي ( د.حسام العراقي) !بقلم الأديب الدكتور فارس الحسيني / جمهورية العراق
……………………..
وفي( مدينة الفلاسفة) تحاورتُ مَعَ الفيلسوف العراقي ( د. حسام الآلوسي ) حولَ ( الأَخلاق ) !

قُلتُ لَهُ :
_ هَل الضَّمير فِطريٌّ في الإِنسان ، كما تَدَّعي بعضُ المَدارس المِثاليَّة ؟!
فقالَ :
_ (( أَصبحَ واضِحًا أَنَّ ادِّعاءَ بعضِ المَدارس المِثاليَّة وُجُودَ ضَميرٍ فِطريٍّ في كُلِّ إِنسانٍ ، ضَميرٍ غيرِ مُكتَسَبٍ أو ما يُسمُّونَهُ ، أَحيانًا ، بِالحاسَّة السَّادسة الَّتي هِيَ كَحاسَّةِ البَصَر والسَّمع ووَظيفتُها تَمييزُ الخير والشَّرِّ بِالفِطرة ، هُوَ ادِّعاءٌ تُبطلُهُ الحقيقةُ الَّتي وَضحتْ مِن خلالِ وصفِنا لِفِكر الإِنسانِ وَأخلاقِهِ وَقَوانِينِهِ عَبرَ العُصُور ، وهي أنَّ أحكامَ الإِنسانِ وَمَقاييسهُ ، وفكرتَهُ عَمَّا هُوَ خيرٌ أو شَرٌّ ، وَطُرُقَ مُعامَلَتِهِ لَها والتَّخلُّص منها ، ومقاييس الأخلاق ، كُلُّ هذهِ أُمُورٌ نِسبيَّةٌ ، مُتبدِّلَةٌ ، مُتَطوِّرَةٌ ، وهِيَ تابِعةٌ لِمُستواهُ العقليِّ ونوعيَّةِ المُجتمع والمرحلة الَّتي يَعيشُ فِيها )).
فَقُلتُ لَهُ :
_ وهَل قِيَمُ الأخلاقِ أزليَّةٌ ؟!
فَقالَ :
_ (( قِيَمُ الأَخلاقِ ، كَالعَدل ، والصِّدق ، والمُساواةِ لَيسَتْ أَزليَّةً ، بَل نَشَأتْ تَدريجًا ، وقَد بَدَأَ الإِنسانُ من مُستوى الحَيَواناتِ العُليا ، ولكنْ عن طَريقِ التَّعاون والعَمَل واللُّغة والذَّاكرةِ وتَجمُّعِ الخِبرة وَمُحاوَلة الخَطأ والصَّواب ؛ اتَّسَعَ فِكرُهُ وَتَبدَّلَتْ وَتَطَوَّرَتْ قِيَمُهُ ، وَأخلاقُهُ عَمُوديًّا ، أَي مِنَ الطَّاعةِ العَمياءِ الآليَّة لِلعُرْفِ إِلى السُّلطةِ الخارجيَّة ، فَالضَّمير الفَرديِّ أو مُستوى الوَعي ، وَتَطوَّرَتْ أُفُقيًّا كذلكَ ، من نِطاقِ العائلة أو العَشيرةِ إِلى أخلاقٍ قَوميَّةٍ ، أو إِقليميَّةٍ أو على نِطاقِ الأُمَّةِ ، ثُمَّ إِلى الأَخلاقِ العالَميَّة ))
فَقُلتُ لَهُ :
_ ما هِيَ العَلاقةُ بِين الأخلاقِ والدِّين ؟!
فَقال :
_ (( ليسَ كُلُّ أَخلاقٍ دينيَّةً ، كَما أنَّهُ ليسَ كُلُّ دينٍ أَخلاقيًّا ))
فَقُلتُ لَهُ :
_ هَل مِنَ المُمكنِ أن تَكونَ الأَخلاقُ بِدُونِ مُجتَمع ؟!
فَقالَ :
_ كلَّا ؛ (( بِدُونِ مُجتَمَعٍ يَكُونُ من غيرِ المَعقُولِ وُجودُ أَخلاقٍ )) فَالأَخلاقُ أَساسُها اجتماعيٌّ !
سَكتَ ، ثُمَّ أَنشَدَ :

إِنَّما الأَخلاقُ شَيءٌ مُختَرَعْ !

وضَعَ الإِنسانُ مِنْها ما وَضَعْ !

كُلُّ شَيءٍ هُوَ نِسبيٌّ لَنا

وَ لِتَطويرِ القَوانينِ خَضَعْ !

لَيسَتِ الأَخلاقُ فِينا فِطرَةً

إِنَّمَا الأَخلاقُ صَوتُ المُجتَمَعْ !!
………………………
#تأليفي الخالص نثرًا و شِعرًا.

#د.فارس الحسيني.

#كل أجوبة الفيلسوف العراقي ( د.حسام الآلوسي) المحصورة بين قوسين هي منصوصة حرفيا من كتابه : ((التَّطَوُّر والنِّسبيَّة في الأَخلاق ، د. حسام مُحيي الدِّين الآلُوسي ، دار الطَّليعة ، بيروت ، ط1 ، 1989 )).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار