قصة قصيرة: الفراق د. وليد زيدان اللهيبي / العراق الفراق

قصة قصيرة: الفراق د. وليد زيدان اللهيبي / العراق
الفراق
سمراء الوجه معتدلة الطول رشيقة الجسم ذاتَ قوام جميل هادئة الطبع تكاد لا تسمع صوتها حينَ تتكلم، إذا تكلمت كانَ همساً وإذا استمعت إليك كانَ رفقاً. ألا أنها غير محظوظة في حياتها رغمَ أنها متعلمة وحاصلة على شهادة مرموقة. تزوجت من رجل وأنجبت له طفلان كأنهما الورود في حديقة البراءة والطفولة.
مرضَ زوجها بمرض شديد الخطورة رغم ذلك لم تفترق عنه بل قدمت له يد الرحمة تسهر عليه الليل الطويل وتشرف على علاجه رغمَ متاعب الوظيفة وأعمال البيت والأطفال. كلما اِشْتَدَّ عليه المرض كانت له المعالج المشافي وكان يعاملها في تلك الظروف بلطف. وما أن يتجاوز نكسته تلك ينقلب عليها وبدلاً من شكرها تقديراً وعرفاناً لجهودها كونها زوجته وأدت واجبها اتجاهه بدلاً من ذلك كانَ يعاملها بمنتهى القسوة ضرباً أو تجريحاً بكرامتها أو طرد من المنزل في ساعات متأخرة من الليل لا لشيء يستحق ذلك، وأنما ارضاءاً لرغبته المريضة كما يبدو، كانَ يشعر بالنقص بسبب مرضه الخطير ذلك.
– قالت له يوماً لِمَ تعاملني هكذا. . . وبهذه القسوة.
نظرَ إليها نظرة استهجان دونَ أن يرد عليها.
وتكررَ المشهد تباعاً كلما أصيبَ بنكسة صحية ومعَ ذلك كانت تتعامل معه بأصلها الطيب وأخلاقها الراقية من أجل أن تصونَ بيت الزوجية. وترعى زوجها وتربي طفليها تحت سقف الأبوة والأمومة معاً. ولتكرار سلوكه المشين معها بشكل مستمر بعد كل نكسة صحية يتعافى منها بفضل رعايتها له. لم تتحمل تلك الزوجة تعامل زوجها معها وخاصةً موضوع طردها من المنزل ليلاً وفي هذه الظروف الأمنية الخطيرة التي يمر بها البلد.
– قالت له كيفَ أخرج في هذه الساعة المتأخرة من الليل ألا تخشى عليَّ وتخاف على شرفك يا رجل.
– قالَ: اخرجي من داري اخرجي لا يهمني ما سيحدث.
تعجبت من قولهِ هذا، إلى هذا المستوى من الانحطاط وصلَ زوجي، لا. . لا بقاء لي معه بعدَ اليوم، اتصلت هاتفياً بإخوتها باكية طلبت منهم الحضور إليها كي تغادر بيت الزوجية بأمان. جاءوها مسرعين، حملت حقائبها عائدة إلى بيت أبيها مع طفليها، طلبت الطلاق لعدم حرصه عليها وللأذية التي أصابتها من تعامله وكان قرارها هذا قطعياً ونهائياً.
عاشت في بيت والدها مرتاحة الضمير مطمئنة البال ومطمئنة على مستقبلها ومستقبل أولادها. فرحة برعاية الأب وحنان العائلة في هذا الظرف الصعب، مرددة هذا فراق مع زوجي هذا الفراق.
