الثقافة والفن

حلم جريح  للشاعر : علي عمر   ترجمة: رياض عبد الواحد 

A dream left bleeding

Text by : Ali Omar

Translated by: Riyad Abdulwahid

 

In the claws of an impenetrable night

I sway on the edge of a blade,

A wounded dream,

Struggling against the phantoms of boredom, grappling with my pain.

I encircle the fragrance of longing,

******* ******

In the claws of an impenetrable night

I taste regret, I tie up the neighing of anguish,

It teases my breath,

I rouse the gloom of silence,

*********+

In the claws of an impenetrable night,

I lay bare the veil from the eyes of wishes,

Complaining of weariness, cleaving my heart in two,

I slap the cheeks of defiance.

النص العربي

حلم جريح  للشاعر : علي عمر   ترجمة: رياض عبد الواحد

 

بين مخالب ليل أليل

أترنح على حافة نصل

حلم جريح

يصارع أطياف الملل ينازع ألمي

أحاصر رائحة الشوق

******* ******

بين مخالب ليل أليل

ألعق الندم أكبل صهيل وجع

يداعب أنفاسي

أفيق كآبة الصمت

*********+

بين مخالب ليل أليل

أميط اللثام عن جفون أمنيات

تشكو الضجر تشطر فؤادي

اصفع خدود العناد

//علي عمر//سورية

 

الشاعر علي عمر، في تأمل حلمك الجريح

 

أيها الشاعر، لقد جعلت الليل كائنًا متوحشًا، له مخالب تنهش روحك، وكأنه لا يكتفي بأن يكون مجرد فضاء زمني، بل صار قيدًا، سجنًا من ظلام ممتد، يتربص بك في عتمته. “بين مخالب ليل أليل” ليست مجرد صورة شعرية، بل صرخة وجودية تشبه ما كتبه كافكا حين جعل بطله يقف أمام محكمة مجهولة، لا يعرف لماذا يُحاكم، كما لو أن الليل نفسه بات خصمًا لا يمكن مساءلته، ولا مهرب منه.

 

أنت تتأرجح، تصف سقوطك كمن يسير فوق خيط رفيع بين الألم والرغبة في المقاومة، تقولها: “أترنح على حافة نصل”، وكأن هذا النصل حدٌّ يفصل بين أن تستمر أو تنهار. هنا، يلوح في الأفق شبح دوستويفسكي، ذلك الأمير “ميشكين” الذي كان يسير بين الوهم واليقين، يدرك مصيره لكنه لا يستطيع تجاوزه. الليل لا يقيدك فقط، بل يطوق الحلم، يجعله جريحًا، يترنح في وجه الملل، ينازع الألم، يختنق في الحصار الذي صنعته رائحة الشوق. يا لهذا التجسيد العميق! فالشوق في قصيدتك ليس مجرد إحساس داخلي، بل شيء ملموس، رائحة، طيف، لعنة تطاردك في كل زوايا الصمت.

 

تجعلنا نستشعر القيد أكثر حين تكتب: “ألعق الندم، أكبل صهيل وجع”. كيف يكون الندم شيئًا يُلعق؟! هذا تماهٍ بين الألم والاستمرار، وكأنك تعترف بأن الجرح لم يعد مجرد أثر، بل صار جزءًا منك، تتذوقه، تعيشه. أليست هذه معضلة الإنسان كما صوّرها شكسبير في هاملت؟ ذلك التساؤل المرير: “أن تحيا أو لا تحيا؟” الحلم هنا ليس وهمًا زائلًا، لكنه معركة ضد الألم، كأنه كائن متألم يرفض الموت، كما كتب نيرودا حين قال: “يمكنك أن تقطع كل الأزهار، لكنك لن توقف الربيع من القدوم”.

 

ثم تأتي لحظة الإدراك حين تكتب: “أميض اللثام عن جفون أمنيات تشكو الضجر”. أنت لا تكشف فقط عن حلمك، بل عن خيبة الأمنيات التي سئمت الانتظار، وكأنها جفون أثقلها السهر، تتآكل بين الرجاء واليأس. هذا المشهد يذكّر بما كتبه سارتر عن الصمت الوجودي، عن تلك اللحظات التي تملأها الأسئلة بلا إجابة، حين يصبح الصمت حضورًا خانقًا أشد وطأة من أي صوت.

 

لكن رغم كل هذا الألم، تأتي الصفعة، تلك اليقظة الأخيرة: “اصفع خدود العناد”. إنها ليست مجرد ضربة، بل محاولة أخيرة للتمرد، للوقوف في وجه كل شيء، كما قال نيتشه في هكذا تكلم زرادشت: “إن لم تصفع ذاتك القديمة، فلن تستطيع العبور إلى ذاتك الجديدة”. هل هذه الصفعة ولادة جديدة أم صرخة يأس؟ لا نعلم، وربما لا تريد أنت أن تجيب.

 

قصيدتك ليست مجرد حلم جريح، بل اعتراف بأن الحلم، حتى وهو ينزف، لا يزال يقاوم. إنها مرآة لإنسان يبحث عن معنى وسط العبث، تمامًا كما قال كامو عن سيزيف، ذلك الرجل الذي يدفع صخرته نحو القمة كل يوم، رغم علمه بأنها ستعود للتدحرج إلى الأسفل. هل نواصل الدفع؟ أم نترك الصخرة لتسحقنا؟ هذا هو السؤال الذي تركته معلقًا في قصيدتك، دون إجابة، تمامًا كما تفعل الأحلام الجريحة حين ترفض أن تموت.

 

محمد بسام العمري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار