قراءة نقدية وتحليل لنص “فلسفة الأرق” بقلم الاستاذ مالك الدغيمات بقلم سليمة مالكي نور القمر

قراءة نقدية وتحليل لنص “فلسفة الأرق” بقلم الاستاذ مالك الدغيمات بقلم سليمة مالكي نور القمر
(فلسفة الأرق )
النص هو قطعة نثرية فلسفية تمثّل رحلة ذهنية داخل متاهة الوعي المضطرب وتكشف عن علاقة مضطربة للإنسان مع ذاته ومع الوقت ومع الانتظار واللاجدوى وصراعه مع الأرق .
البداية
النصّ يبدأ بأسئلة وجودية قصيرة
-لماذا؟ وماذا لو؟ ولِمَ لا؟ -وهي مفاتيح الوجع الفلسفي المضني الذي يحس به الكاتب
ويعلن منذ الأسطر الأولى عن حالة التيه الفكري والبحث عن معنى الحياة و الوجود ولماهية الحرية .
يتّخذ الكاتب من الأرق مسرحا داخليا تجتمع فيه المشاعر المرهِقَة مثل الغياب، الشجن، الحنين، الخيانة، الانتظار. ثم يُقدّم مفارقة لافتةوالمتمتلة في :
_ “المتهم هو الأمل” وهذه فكرة شادة وغريبة يتبناها الاستاذ مالك
وكأن الأمل والقصد هنا الأمل لا اليأس …
هو ما يُسبّب الألم، لأنه يمدّ الحياة باستمرارية العذاب والانتظار و يجبره على التواجد وبالتالي الاحساس بالوجع .أنا موجود يعني أنا أتالم .
— المضمون والمعنى بالنص ….
هناك نقد ساخر ورافض للواقع المعاصر الذي يحاول معالجة القلق بوسائل ميكانيكية كَ “طحن الثواني” “العقار” “سرير الضوضاء”)، في حين أن المشكلة في الجوهر الإنساني، لا في الأدوات. التشبيهات المستخدمة من الكاتب رائعة و فريدة واعطت النص عباءة الغموض والايحاء وهذه مدرسة تحمل من الجمالية والتفنن الكثير وتحتاج لثقافة واسعة من الكاتب واطلاع وذكاء من نوع خاص ،لتوضيف هذا النوع من التشبيه
الكاتب يقارن بين “العصر القديم” و”الواقع الحالي” في إشارة إلى ضياع البساطة والأصالة أمام التقدّم الزائف.
وصف صور مثل “قط لزج يعكر صفو الانسيابية” و”الملل يراقب المشهد من النافذة”
و”الخوف ببدلته السوداء على كرسي التحقيق” تجسيد بابعاد رمزية نفسية قويةجدا تعكس الصراع الطاحن داخل النفس و تصف كل شعوروتجعله يتحوّل إلى كائن حيّ، يشارك في محاكمة الذات.
—الأسلوب واللغة
اللغة كثيفة، رمزية، مشحونة بالاستعارة.
الإيقاع متقطّع يشبه إيقاع الأرق نفسه والتعب النفسي جمل قصيرة، متقطعة متوترة.
تتصاعد بذروة كبيرة حتى تصل بالقارىء الى أن يسمع انفاس الكاتب اللاهتة من التعب و الغضب والتيه والوجع…
يتراوح النص بين السخرية والجدّ، بين الفوضى والعمق الفلسفي.
بالنهاية “كل شيء حر حتى اللاشيء حر هناك” تتمثّل قمّة العدمية التي هي تعكس الحرية التي لا تفضي إلى أي معنى
—- الخلاصة
“فلسفة الأرق” نصّ تأملي يُعبّر عن وعي متأزم يعيشه الكاتب ويعكس صراعًا ما بين الوعي والجنون، بين الحرية والعبث، بين الأمل واليأس.
هو نصّ يشبه ليلة طويلة بلا نوم (الأرق) حيث تتحول الهواجس إلى كائنات حية والزمن إلى خصم والأمل إلى متّهم أول بكل أوجاع وكوابيس وانتكاسات الكاتب .
اضيف شيئا قراءة نص متل نص ( فلسفة الأرق ) للأستاذ مالك الدغيمات هو تجربة فريدة من نوعها لانه غوص بالذات بكل دهاليزها المليئة بالرمزية والغموض والاسقاطات الممتعة التي تخاطب العقل والفكر والمزاج . تحياتي
بقلم سليمة مالكي.
نور القمر
والنص بقلم الأستاذ مالك الدغيمات
فلسفة الأرق
لماذا..؟
وماذا لو ؟
ولما لا ؟
غياب طويل
شجنٌ
و حنين
خيانة النبض
فضيحة الارتجاف
وجريمة الانتظار…
المتهم هو الأمل
بعد الأسود والسكون
وإصرار عقارب الساعة
على طحن الثواني
لتصنع العقار
وتَقَيِّدَ عقل المريض
على سرير الضوضاء
ظَنًا منها أنه العلاج
فنحن في العصر القديم
لا نملك الأدوات المستقبلية
ولا الورق والمحابر
هناك بعيدا يلاصقني الوجع
وقطرات الدخان على عدسات النظر
قط لزج يعكر صفو الانسيابية
ويهتك ترتيب كرة الصوف
عبثية اللحظة
ترتب الطاولة
وتَصُبُ الطين في كأسين
واحد لي
والآخر أيضًا لي
بائعة الهوى تفاوض الماضي
فهو يتقن فن الشراء
ولا يملك فلسًا واحدًا
الملل يراقب المشهد من النافذة
ويقترح القمار
كحل لهذا التسارع البطيء
دوار ثابت الخطوات يراقص الأفكار
وتوتر يسترخي على أريكة الغد
خوف يستفزني بصوت خطواته
وبدلته السوداء
على كرسي التحقيق
عالم حر في الأرق
كل شيء حر
حتى اللَّاشيء
حرٌ هناك
الأسماء لم تعد مقيدة
هي بلا أصفاد.
بقلم مالك الدغيمات