الثقافة والفن

قصة قصيرة:.. لقاء..بقلم د. وليد زيدان اللهيبي/ العراق

 


قصة قصيرة:.. لقاء..بقلم د. وليد زيدان اللهيبي/ العراق
لقاء
أحبها بصدق وعفوية وبراءة كما أحبته بكل عواطفها، كانت لا ترى شاباً غيره يصلح لها زوجاً رغم أن القرية التي يسكنون فيها مليئة بالشباب، إلا أن الحب أخذ مأخذه منها أحبته حباً صادقاً بريئاً بكل مل تحمله كلمة البراءة من معنى، كان يكتفي منها حين تمر بالسلام أو الإشارة والابتسامة وكان يلتقي بها سريعاً لا يطول لقائهما لبضع دقائق وذلك لظروف القرية وأخلاقياتها التي كانت تحرم تلك الأمور، رغم ذلك كانا يلتقيان ويتبادلان كلام الغزل والحب ويعبر كل واحد منهم عن مشاعره اتجاه الآخر وأخيرا اتفقا على الزواج.
جمع أهله وجيرانه وذهبوا إلى أهل الفتاة ليخطبوها له، إلا أن قرار أهلها لم يكن بصالحه لقد رفضوه لأسباب هم اعلم بها، لم ييأس وعاود خطبتها عدة مرات ولم يوافقوا على طلبهِ، زوجوها لشاب آخر من أقربائها وتزوج هو إنسانة أخرى وتمر الأيام والسنين وينجبوا البنات والبنين وتستمر عجلة الحياة بالتقدم، لقد أصبح عمرهما الآن فوق السبعين عاما.
في هذا العمر يشاء الله أن يلتقيا من جديد كيف وأين يا لها من من صدفة تجمع حبيبين تجاوزا السبعين من العمر.
حدث ذلك في حفل زواج أقيمَ في قريتهم لأحد شبابها، حمل هو باكورته عند الغروب متوجهاً إلى حفلة العرس كما همت هي بالخروج من بيتها للذهاب إلى بيت العريس وفي الطريق التقيا.
قال مرحباً أم حيدر، قالت: أهلا أبا علي وجلسا تحت أحد الأشجار على ساقية، حيث العصافير تزقزق وصوت الماء المنساب في الساقية أمامها وحديث المحب لحبيبته لم ينتهي بدءا يتذكران أيامهما الحلوة التي عاشاها أيام شبابهما، لقد التقيا في عمر ليس فيه حرج.
أقيمت لعبة الجوبي ولعبة الساس في حفل الزواج وانتهت مراسم الرقص والعشاء وتم زفاف العريس على عروسه وانتهى كل شيء في القرية ألا إن صاحبينا لازالا جالسين يتذكران أيام حبهما ويلومان الآهل على فراقهما وبعدهما وقد أدركهما الفجر وهم جلوس في هذا المكان يتذكران حبهما وأيامهما العذبة. رفع أبا علي رأسه إلى السماء ولاحظ بزوغ الفجر وقال بيتاً شعرياً ريفياً لازال خالداً إلى يومنا هذا.
عايل علينه الفجر هل بان عامودوا
وهذا وليف الجَهل ما أبزع من كعودوا
قالت أم حيدر: وهل يمل من يجلس مع حبيبته الذي فرقتهم الأيام.
قال أبو علي: ألا بِئْسَ لغدر الأيام والتقاليد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار