الثقافة والفن

تحليل وقراءة في قصيد الشاعر الكبير والأديب العراقي (أمين جياد) بقلم الأديبة فريدة الجوهري 

قصيد تحار في أمرها فهي تتأرجح ما بين الخيال الحلم وحلم الخيال.بين الواقعية والصوفية ،بين الروح والجسد

 

تحليل وقراءة في قصيد الشاعر الكبير والأديب العراقي (أمين جياد) بقلم الأديبة فريدة الجوهري

 

في انزياحاتٍ نفسية وروحية تتوق إلى الإنفلات من عباءة الجسد والولوج في عالم خيالي نوراني شفاف حيث يستهلُّ قصيده ب (أنتِ ملاك يصعد بين حجاب نوراني )وهنا نرى أن الروح ارتقت للسماء يلفها حجاب من نور ليحميها من الابصار لامعة منيرة كملاك او نجم مضيئ ويصور لنا الأنت ببعدين مختلفين أولا ألبعد الروحي الغير مرئي وثانيا البعد الحسي الملموس ويصور لنا الفراق مجلجلاً فيتبعها فورا كصدمة للقارئ (فيجلجلني) ويجلجلني كلمة تجلجلةالكيان فاول ما يخطر ببالنا طريق الدموع والألم والعذاب وصولا للموت مما يدل على صعوبة الموقف الذي يمر به عند انفصاله عن الروح او عن الروح (لأنت) واعتقد أنه الصراع الذي يعانيه الإنسان عند الفقد أو الفراق والإنفصال .

(هي المرٱة والمحراب على داري ) فالمرٱة هي انعكاسات للنفس والروح في انعكاساتها إشعاعات تملء كيانه بنفحة صوفية نورانية تحميه مع المحراب الذي هو المكان الذي ينعزل فيه للتعبد والدعاء ودوما وجهته القبلة حيث يتم من خلاله الإتحاد. مع النور المنبثق من ذاته ومن المرٱة .

(في زمن كحجر ضاع في الأفق) وهنا جذوة الصراع الروحي الحسي فلق تاه قليلا في مسيرته الحياتية عن المسار الروحي حتى أصبح كحجر ضاع في الأفق كسدم تشرذم في السماء فتاه وتاهت عنه أشعاره ولكنه كان دوما مشعا في داخله رغم الإنفصال والبعد فالزمن صرخة غريق وعندما يتمسك كفيها (هي)أو(ألروح)تعيده لأرض الواقع وكانها تضن عليه بالذهاب معها او إليها فنشعر هنا أنه يعيش الصراع ما بين الحياة والموت بين انفلات الروح وتمسكها بالجسد الارضي الترابي(فتتوسد نبضه )في قبلة الحياة او قبلة الإنعاش التي تعطى للغريق لتبعث به الحياة .وبين العودة والإغماء يشعر أنها الموج المتلاطم حوله وإن عشقه يفوح فنه رائحة المسك ويحجبه بحجاب صلب من الزمرد ولكنه أخضر كاخضراره يلفه ليخفيه حيث يلتقيان ليتحدا في عناق يكفيه لعدة ازمان فيعلو مبهورا باللحظة فيتشظى به الزمن الحالي .

هنا يبهرنا الكاتب بهذا التشظي الكياني المنصهر الذائب في المحبوب والمنفرط في كفيه كحبات لؤلؤ.

وما هو السر إذن؟….

ألسر هو أنها تتسلل منه كافعى لتغط نسرا

وهنا يعيدنا للمحسوس حيث الافعى أنثى ناعمة الملمسى تتسلل بكل نعومة لتبتعد فتغط على حلمه صقرا يوقظه من أشعاعات الحلم فيشهق علّها تباغته بالعودة النورانية المنبعثة من الذات.

في القصيد تصوير حسي ملموس يليه فورا تصوير روحي شفاف وراقي يجعل من القصيد ينحو ناحيتين مختلفتين حيث يتبعها ظلا تشظى ظلالا

وفي سؤٱل لها (ما معنى طيف الحب، او الموت او الغربة )

فلثلاثية السؤٱل جواب واحد فالطيف خيال ويختفي والموت فراق وانفصال والغربة ضياع وانفصال ألمعنى واحد مكرر.

وماذا يكتب….اعن ظمأ الشفاه ام عن الضوء المتسلل أليه من زمن ٱخر من ابعاد كونية أخري ابعد نورانية يتوحد فيها ومعها للأبد ليبتعد عن ارض دماؤها نور في افق فيغيب في عالم ٱخر.

ألقصيد

( أنواري أعلى )

 

———————-

 

00 أمين جياد 00

…………………..

( الى الصوت الذي أحاطني بالحكمة والحب والضياع )

…………………………………………………………..

أنت ملاك يصعد بين حجاب نوراني يجلجلني ,

هذا زمن الحب الضائع في أنواري ,

هي المرآة والمحراب على داري ,

زمن يتوحّد في حجر ضاع على الأفق ,

وتاهت في سدمي أشعاري ,

وملاكي صرخة وجد تقتلني ,

في شعشعة أجهلها ,

زمن نوراني يمسكني كغريق ,

أمسك كفّيها ,

فتحوّلني لمكاني ,

وشفاه تتوسّد نبضاً ينقذني ,

وأراها فاتنتي بحراً يتلاطم ضدّي ,

أقرأ عشقي درّة مسكٍ ,

شجراً يلتفّ عليّ طويلاً ,

وزمرّدة وحجابا ,

يجمعنا السرّ مهولا ,

زمني قامتك النرجس ,

صارت كلّ كياني ,

تكسوني بشعاع يبهرني ,

تسحبني أعلى ,أعلى،

لعناق في كلّ زماني ,

وزماني يتشظّى في معبدها كاللؤلؤ ,

يسّاقط عشقاً , أنوار ريح ,

تكبّلني باللهفة والخسران ,

أنواري عالية أنواري ,

لججي عالية ,

تضرب بحري المتلاطم في تيهي ,

قلبي يتبعها ظلّاً بظلالي ,

أشهق مرتبكاً ,

علّ الأنوار تباغتني , ملاكاَ يعلو بمكاني ,

ومكاني نقطة نور تتقاطر رملاً على جسدي ,

أسمعها موجاً يليّلني ,

أنوارك عالية ,

صارت تتوضّأ بمقامي ,

فعلام يغطّيك هيامي ,

أنت مشاكسة ,

يتكوّر قلبي بين يديك حجابا ,

نور الياقوت على تيجاني ,

وجَمالك هل يحمل تيجاني ,

ما هذا السرّ اذن ؟

أفعى تتسلّل فجراً ,

تهبط صقراً على حلمي ,

وتحدّثني عن حرف صار يلملمني كرمالي ,

تسألني : ما معنى طيف الحبّ, او الموت , أو الغربة ,

هل تبقى زبدا في لجج البحر ؟

تقول مراراً : أنظر في عينيّ طويلاً ,

هل تكتب عن وجعي , أم عن نرجسة في قلبي ,أم عن طيف ملاك في المسرى ,

عشقك طير يتلوّى في شفتيك ,

فيمتدّ بريقاً في عينيك ,

يشعّ النور على جسد لأراني أقماراً تائهة في الأفق , حجرا درّيّاً , يهبط مرتعشاً بين يديها ,

صرت أحجاراً ضائعة تصعد عالية في لجج تسحبني ,

تتوقّف حيناً ,

تتكوّر ثانية أنواري ,

وأرى الأرض تدور ,

تدور على تيجاني ,

أصبحت ملاكاً بجناحين يطلّان على المشرق والمغرب ,

فأسعى طوفاناً يعلو فوق مسار يحجب ضوئي ,

أسعى في أن أتوحّد في أنوار من زمن غير زماني ,

أرتجف القلب وحيداً، وظلّ دماء تتساقط نوراً في افق يصعد نحو سماء ,

فألملم نور اللؤلؤ والياقوت على كفّي ,وأغيب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار