رحاب وملكوت — بقلم الاديب ‐ سعد المشهداني .. جمهورية العراق
قبل إن يقبض روحي احد زبانية عزرائيل المتمرسين وبها إلى أعالي السموات مسرعاً كالصاروخ ِ ينطلق ُ تملؤه ُ النشوة والشعور بالتباهي لأكماله ِ مَهمَته ُ دون َ تأخير ٍ أو ارتكاب لأي خطأ مهما كان عَرضيا أو بسيطا ً.
وعلى الرغم ِ من التسليم والأعتراف التام ِوالكامل ِ في مدى مهارته وخفة يديه وبراعة اخلاصه وامانته المعهودة في تنفيذ المَهام الخاصة الموكلة ِ إليه ِ .
لكني اعتقد ُ جازمًا لولا تَسليمي التام ُ لأوامره ِودقةُ تنفيذي لها و تَفاعلي الإيجابي معها لما وفق َ لهذا المستوى من النجاح على الرغم ِمن ممارسته لهذه المَهام ومنذ ربما ملايين السنوات والأعوام
نعم …
لقد تعودت التسليم والأبتعاد عن التناحر ِ وعدم جَدوى النقاش الغير المجدي والمثمر ِ الذي لا يفضي لشيء ٍ بل ادمنت التسليم دون عناد ٍ لأيةِ نائبة ٍ أو طارق ٍ وطارىء منذ إن وعيت وطاشت ظنوني وتيقنت ُ فيما ليس فيه ادنى شك ٍ إن أرضي إلتي فيها قُطعت ْ صُرتي وفيها دُفنتْ وعَلا صُراخي لأول مرة ٍ منذ ُعقود ٍ ولت سوف لن اغادرها مُختارا ً مهما سولت لي نفسي الأمارة ُ بالسوء ِ ولن يثني عزمي هول ماعانيت ُ وقاسيت ُ نعم هي أرضي لابل هي ملاذي وموئلي الشاخص عبر العصور والأزمنة .
أرض البترول والفراتين والتمر والزعرور والأنبياء والمشعوذين والشعر والمرثيات وكبريات شواهد القبور والأمجاد والحضارات .
أرض الزقورات والمعابد والفقهاء .
أرض مردوخ وگلگامش وانكيدو وعشتار وباقي الانوناكي أرض الفوسفات والزجاج والأولياء وابي نؤاس والأربعين حرامي و الخمارة والتعساء والعلك المر وشعر البنات وكعك السيد وشربت حجي زبالة .
أرض ٌ خصباءٌ مثمرة ٌ تحفها الاحقاد والفتن والميول والأنبطاحات والأحباطات والأسقام والملل والنحل . أرضي إلتي انبتت البرحي والمكتوم والخستاوي والزهدي والبربن وانبتت الرمان والبصل وغنى فيها داخل حسن [ لو رايد عشرتي وياك حچی الچذب لاتطريه ] .
ارضي إلتي أصبح فيها تمثال الرصأفي مكبا ًكبيرًا للنفايات وسرقت فيه عصاة نصب الكاظمي وقُطعت ْ فيها اطراف الحلاج عن خلاف وهو يقول ديني لنفسي ودين الناس للناس ِ .
أرضي العظيمة إلتي يتنافس فيها حامل الماجستير والأمي الذي لايكتب ولايقرأ في الحصول على دراجة دليفري فمهنة التوصيل السريع اصبحت من الأماني لدى الكثير من الشباب اما عن امتلاك التك تك فتلك رواية تكاد تكون ميتافيزيقية أو إسطورية التحقيق ، دعونا ننتقل سريعا ً فالقصة لاتنتهي لهذا الحد لابل وتخجل ولها يتصبب ُ عرقاً جبين كل حليم .
حين عبر بي كطائر أثيري لم يخبرني عن هويته ِ شيئًا إطلاقا لكني أراه ُ سيفعل لاشك َ سيفعل وبعد أن تجاوز حاجز الصوت وجدته قد ابطأ في سرعته ِ قليلا لذا ظننت أنه يريد سماعي أو الأجابة عن بعض أسئلتي وهي لاشك مخاوف لاتخلو من ابتهالات وشيء من ارتعاش ٍ وضجر ٍ.
لذا قد قررت الصمت المطبق كي لاينطلق لساني واقع بغباء ٍ في المحضور كما قيل من قبل (لسانك حصانك إن . . . ؟ ) .
إن التعامل مع هؤلاء العزرائيليون امر صعب جدا لاتظنه سهلا ً إطلاقا ًوخاصة بالنسبة لي ً ذاك َ أني لم اجربه من قبل .
لكني نسيت أن أخبركم شيئا وأنا مرتبك ٌ جدًا وقبل أن ينطلق َ في رحلته إلتي اخبرتكم عنها سمعته يهمس بأسمه الواحد الأحد ننطلق [ بسم الله ] ثم انطلق ولا اخفيكَم ُ سرا ً ايضا ًكنت قد رددت ماقاله بهمس ايضا ً لا اظنه كان يسمعني أو حتى إن يهتم .
تبدو كأنك قد مت من قبل
وهذه ليست موتتك الأولى هكذا فاجئني مبتسما ً يسأل .
تبسمتُ أنا أيضا ولا أدري كيف من تلك الأبتسامة تمكنت ُ .
كيف وهل يموت البشر مرتين .
لا طبعا لكني
أراك َ هادئا ناصتا صامتا ً .
سأجلب سجلك حين نصل محطتنا الأولى عما قريب جدا ً لاتقلق وسنرى .
أي سجل !!! وهل لي سجل لديكم لايغادر صغيرة أو كبيرة إلا احصاها .
اكيد وهو محفوظ لاتشوبه الشوائب ولايمكن تزويره ِ أوبه التلاعب .
لكني ارشح انك ناج ٍ من هول الصدمة .
الصدمة
نعم الصدمة
قلت وأنا امتمت يبدو بدأت اللعبة هنا تذكرت المثل القائل [ ابو گریوه یبین بالعبر ]
وكيف عرفت قبل أن تطلع على سجلي الخاص .
اجاب .
هذه من بعض خبراتي فأنا امارس ما أقوم به منذ ازمان بعيدة وعهود لا أريد اخبارك بالضبط ذلك لانك سوف تنصدم وربما تفقد توازنك
هذا افضل اجبته دون أن أتكلم .
وبعد قليل كان قد هبط إلى شجرة عظيمة لا أدري إن كانت سدرة المنتهي أو إحدى أشجار الجنة سنجلس بظلها بعض الوقت ريثما تصل الأوامر والأوراق والتعليمات لكن المفارقة حقا لا اشعر اني بحاجة إلى ماء لم احس بعطش ٍ أو أني جائع يلزمني لفة همبركر أو سندويج گص أو فلافل .
آه ٍ ثم آه .
ما اطيب الثريد في وقت الضيق ؟
لكن شيئًا ما ينقصني نعم أنها علبة السگائر فمن دونها لاتكتمل الرحلة ولاتحسب خسارة ً أو ظفرا ً .
بقي شيئا وهو الذي لابد منه في كل الأحوال نعم استكان شاي سنگين يعدل الراس أنا بأشد الحاجة إليه .
وقبل أن اضجر بقليل قال لي وهو حائر لقد تأخرت أوراقك أليس كذلك نعم ربما تأخرت امكث هنا قليلا .
سأذهب وسوف اعود حالاً امكث واحرص على أن لاتتحرك كي لايصيبك َ اذى وتقع بيد من لايرحمك هنا تسمرت مكاني انتظر وانتظر حتى الصباح فأذا بي انهض مندهشا ً من فراشي آه ٍ آه أنه مجرد منام واضغاث ُ احلام تباً للتشريب قبل المنام .
في الليلة الثانية وكنت قد نسيت الموضوع تماما ًوخلدت إلى فراشي للنوم كالعادة ليس مبكرا ً جدا .
اعاد الكرة َ صاحبُنا العزرائيلي الوسيم ُ .
اين أنت بحثت عنك لم اجدك َ.
ألم ؟
أوصيك بعدم الحركة .
اجبته لكني .
لاتكمل يبدو أنك مرتبك وخائف واخذت تهلوس .
لاتقلق سأخذك لمكان لاتحلم برؤيته إطلاقا ً .
يمكنك القول أنه يشبه الجنة لكنه ليس بالجنة تماما ُالجنة الحقيقية امر أخر لايهب لكل من هب ودب ولايشم رائحتها إلا ذو حظ عظيم ، يمكنك اعتباره جنتك المؤقتة و إلى حين .
هناك ستجد من تتمنى لاوبل تعشق رؤيتهم .
اجبته على الفور .
لا أدري كيف يمكني أن اشكرك لقد غمرتني بأفضالك . . .
داهمتني ابيات برقت هل يعقل ؟
أي
موت ٍ سخيف ٌ
هذا
لاطبيب شَرعي
أو مبضعا ً
راح يمزقني
عن همي يكرب ُ
لا عويل َ
لم ارَ
في حينا لي نُصبت ْ
سَراديق ُ
مت ُ أنا
——-‐
بأعلى صوتي حَزنا ً
صَرخت ُ
عَجبا ً
لم أشعُرْ
اهكذا تقضي نَحبُها
الأموات ُ
منها تُسلبُ
الحياة
والنفوسُ زمرا ً
تُساق ُ
كيف َ ذاك َ
ومتى التفت
الساق ُ بالساق ِ
ويلاه ثم ويلاه ُ
لا . . .
خرقة ً سوداء
على ناصية ِ
الزقاق
تسمرت شاهدةً
فاجعَتي
ولانائحة ً
على رخيم ِ
رثاءها
أسمع ُنحيباً لأنين ِ
حَبيباتي
***********
كم أنت رائع ٌ يا … ماهو اسمك لم تخبرني .
اسمي لم اخبر به احداً قبلك قط
لكن لابأس اسمي (شديد ) ولي اخًا أسمه ( غليظ )
جميل لكنه ليس اسماً على مسمى
سألني ماذا تعني وكيف .
اعني تبدو وسيمًا ودودا ههههها
نعم
اننا لسنا كأجدادنا
وكمثلكم ُ انتم ُ أيها البشر .
نحن ايضا في تطور ٍ وحَداثة ٍ وبعضنا له مفاهيمه الجديدة .
فهمتك فهمتك ثم اخذت اردد مع نفسي .
المهم أني سأرى أبي وامي وكل اخوتي ومن اشتقت لرؤيتهم من اقاربي
لا
لا
ليس كل هؤلاء بالضبط ليس ما ذكرت .
وكيف عرفت أني حتى لم ارفع صوتي أو أن اتكلم .
هذه احدى ابسط مواهبي
واحذرك .
لاتظن أنك تعرف شيئا عنا .
إذا ً سأقابل ُ مَنْ ؟
لقد تلاعبت بي واثرت عواطفي وكذلك َ فضولي .
انك ستقابل كبار شعراء الجاهلية وبعض شعراء العصر الأموي وكثيرا من شعراء العباسي الفطاحل
اهذا يعقل ؟
ولم لا وسترى أيضا بعض ُ شعراء عصرك
نعم سأرى حتما ً سأرى هكذا اقنعت مجيب ُ وللموضوع تتمة . . .
شعراء في الجنة
——————-
الموضوع فيه امرؤ القيس وعنترة بن شداد وجميل بثينة والاخطل وجرير والفرزدق وابي نؤاس والمتنبي والخنساء ونازك ولميعة عباس عمارة وغيرهم في حوارية كنت كتبتها قبل سنوات .
