أبيُّ الضيم) بقلم الشاعر العراقي رزاق عزيز عزام الحسيني

(أبيُّ الضيم) بقلم الشاعر العراقي رزاق عزيز عزام الحسيني
أبيَّ الضَّيمِ رزؤكَ لنْ يُغاما
فشمسُ الطّفِّ تكتسحُ الغماما
خلودٌ في فم الدنيا نشيدٌ
وتنفثُهُ القلوبُ أسىً ضراما
فلنْ يبلى على مرِّ الليالي
يجدُّ مَعَ الأسى عاما فعاما
ترسّمَ نهجَهُ الأحرارُ طُرّاً
وتحتَ لوائِهِ ساروا كراما
تجلّتْ روعةُ الإيمانِ فيهِ
لكلِّ مشككٍ جلّى الظلاما
فلولا رُزؤكَ الدامي لبادَتْ
معالمُهُ فلاذَ بكَ اعتصاما
أزاحَ عنِ الشريعةِ كلَّ ظنٍّ
رأى فيهِ الحقيقةَ منْ تعامى
سيبقى حُرقةً في كلِّ قلبٍ
ليومِ الحشرِ تستعرُ اضطراما
يظلُّ لثورةِ المظلومِ نهجاً
وللإسلامِ والدُّنيا إماما
وصوتُكَ صرخةً كهزيمِ رعْدٍ
ليوقظَ من مضاجعِها نياما
وفي وجهِ الطغاةِ بكلِّ عصرٍ
إذا الإرهابُ بالشعبِ استداما
ينيرُ لنا طريقَ الحقِّ نصحاً
وننشدُ في محجّتِهِ السلاما
وتبقى كربلاءُ بنا جراحاً
تنزُّ دماً وتأبى الإلتئاما
وتبقى التضحياتُ بها دروساً
إذا نكصَ الورى انْتَفضَتْ قياما
وتبقى منبعاً للفكرِ ثرّاً
على طولِ المدى يسقي الأناما
ورزؤكَ مِشعلاً للحقِّ يذكو
إذا ما الظلمُ في الدنيا تنامى
فكمْ رامَ الطغاةُ لهُ انْطفاءً
فيأبى اللهُ للنورِ انْهزاما
وكمْ مُدّتْ يدُ الآثامِ بغياً
لذاكَ الصّرحِ تمحوهُ انْهداما
فباءتْ بالهوانِ وبالمخازي
وما نالتْ لما رامتْ مراما
فمهما حاولَ الشاني ليطوي
صحائفَ مجدِهِ لاحتْ عظاما
***
ولمّا لجّ بالطُّغيانِ غلٌّ
وغرسُ البغي شرّا قد تنامى
يزيدُ الفاسقينَ غدا مليكاً
يزيدُ مخازياً فيهم وذاما
تولّى دفّةَ الحكمِ اعتسافاً
وساقَ المسلمينَ بهِ سواما
وأذكى جذوةَ الاحقادِ فيهمْ
وحكمَ الجاهليةِ قد أقاما
أذلَّ رقابَهُمْ طمعاً وخوفاً
وذاقَ خيارُهم موتاً زؤاما
مقاليدُ الخلافةِ في يمينٍ
وفي اليسرى يعبُّ بها مداما
فدارُ خلافةِ الإسلامِ ملهىً
تعجُّ بها الكواعبُ والأيامى
وأضحتْ للقيانِ الغيدِ مغنى
يُطارحُها الغواةُ بها الغراما
وحانوتٌ تدارُ بها كؤوسٌ
يعاقرها الخليفةُ والنَّدامى
وكانوا يفطرونَ على المعاصي
وعن صلواتهم عاشوا صياما
وكلُّ المسلمينَ يرونَ جهراً
خليفتهمْ قد اقترفَ الحراما ؟!!!
وليسَ سواكَ في الدنيا غيوراً
أنوفَ النفسِ تكبرُ أنْ تُضاما
تقحّمتَ الوغى ليثاً هصوراً
وحيداً قاصدَ الجيشَ اللهاما!!!
وإنّكَ حاسرٌ بين العوالي
ولم تخشَ الصوارمَ والسهاما
بقلبٍ لمْ تروّعْهُ حشودٌ
ونفسٍ لمْ نجدْ فيها انثلاما
على حكم الدَّعيِّ أبيتَ تعنو
لغيرِ اللهِ تأبى الاحتكاما
وما هِبْتَ الطغاةَ وقد أثارتْ
جيوشُ البغي في الجوِّ القتاما
كأنَّ جموعَهمْ حلكُ الدَّياجي
وكنتَ عليهمُ البدرَ التماما
فنورُكَ لنْ يُغيّبَهُ قتامٌ
اذا ما الخيلُ ثارتْهُ احتداما
فكانَ الموتُ أشهى من حياةٍ
تكونُ بظلّهم يوماً مُضاما
ووطّنتَ النفوسَ على المنايا
قدِ اسْتَحْلَتْ مَعَ الضّيمِ الحِمَاما
على الرمضاء أقمارٌ تهاوتْ
بها الدنيا تسربلتِ الظلاما
فيوم الطفِّ قد أبدى وجوهاً
عن الطلقاءِ قد حَسَرَ اللثاما
وكنتَ لكلِّ مظلومٍ مثالاً
على الطغيانِ والعادي حساما
فأنت مكارمُ الأخلاقِ طرّاً
عدوّكَ لم يكن إلا اللئاما
وفي العلياءِ طاولتَ الثريّا
فأنتَ منَ السهى أعلى مقاما
منعتَ عن الفراتِ وأنتَ غيثٌ
لمن يشكو التصحّرَ والأُواما
ومنْ منعوكَ هم كانوا العطاشى
وكانوا في دناءتهم هواما
وتحتَ ضلوعهم قفرٌ يبابٌ
وليس نفوسهم إلا حطاما
بقتل السبط عار الدهر حازوا
ولن يٌمحى علا كالوشمِ هاما
فساءتْ أُمةٌ هابتْ فذلّتْ
ولمْ تحفظْ لمنقذها ذماما
أبيَّ الضّيمِ فيكَ الشعرُ يسمو
فألفاظي غدَتْ دُرراً ترامى
تُعفّرُ وجهها خجلى وترجو
يُقلّدها الرضى منكَ الوساما
رزاق عزيز عزام الحسيني
