الثقافة والفن

[ رحلة في عالم الشاعرة اللبنانية فريدة الجوهري ] بقلم / السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠

[ رحلة في عالم الشاعرة اللبنانية فريدة الجوهري ]

بقلم / السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠

( بيروت مازالت هي ٠٠!! )

أقلاميَ الحمراءُ يعصُرُها دمي

فتشنُّ حرباً بالمواجعِ مُثقلةْ ٠٠

 

في البداية تبقى ملامح القصيدة في مرايا الشعر حيث ترسم وجه الكلمات و المعاني من مختلف الزوايا في ثنائية رحلة الزمان و المكان بين ظلال العبقرية التي هي عنوان الإنسان في تلك الحياة هكذا ٠٠

و في هذه التغريدة نطل على الشعر و الشعراء من أرز لبنان الجميل برغم الأوجاع يبقى الحلم يغازل الأمنيات ليل نهار ، حيث إبداع المرأة التي تمضي مع الفنون الجميلة ، و ذلك من خلال الشاعرة اللبنانية فريدة الجوهري الفيلسوف و الصوفية المتجلية و عاشقة الوطن و الحياة ، و لِمَ لا و هي التي تحلم بلم الشمل العربي في دائرة الحب و السلام ، عنوان ميزان الوحدة و القوة لهجر مسلسل الصراع و الحرب و الدمار و قتل روح الجمال ٠

و حينما نتأمل عالم الشاعرة و الأدبية و الناقدة والفنانة (فريدة توفيق الجوهري ) نجد إنها مهمومة و مسكونة بالوطن من منطلق تناغم العشق ، و طرد موجة الصراع لطمس الفراغ و الأنانية، فترسم لنا لوحاتها المتباينة بالكلمات المطرزة بشذى البيئة التي تجمع القلوب في تلاقي يكشف عن الأنا و ماهية الأشياء في كبرياء ٠٠

 

أليست هي القائلة :

أنا ما فرضت على الزمان هويتي

هو من أتاني حاملا أوصافي

 

ما اخترت إسمي او مكان ولادتي

الكل ساهم في العطاء الكافِ

 

قدر رمى بي الأرض رغم إرادتي

فسلكتها وتمزقت أطرافي

 

إني نسيج من خليات مضت

وتذبذب الذرات من أسلافي

 

وكأنني تاريخ أعمار مضت

جمعت لكي تلقى على أعطافي ٠

= نبذة :

فريدة توفيق الجوهري شاعرة و قاصة وأديبة و ناقدة لبنانية، صدر لها عدة دواوين شعرية وكتاب قصص قصيرة وعدة قصص للأطفال و مقالات في النقد التحليلي ، و ديوان بعنوان “غربة” يتناول الغربة المادية والمعنوية، بالإضافة إلى بعض القصائد المتنوعة.

كما كتبت الشعر بأنواعه العمودي و التفعيلة الحر و المنثور و كتابات مختلفة و لاسيما مشروع النقد التحليلي و التعليق على الأحداث ٠

و لأنها ابنة الأرز الجميل توحدت مع الروح و الجمال فأبدعت رائعتها ( بيروت مازالت هي) و قد تم ترجمتها إلى الإسبانية، و هي تنطق بعبقرية الحب و العشق و الحلم و الموال و صدى الأيام ، و منها هذه المقطوعة البديعة التي تصور فيها مشاعرها بصدق عن الوطن فتقول فيها :

عفواً إذا سال القريض على فمي

فانسابَ نهراً باكيا

فالشعرُ يولد في بلادي قيصرياً داميا

عذراً إذا ذُبِحَ القصيدُ على يدي

أو جاءحرفي عاريا

ما اعتدتُ تزويق الكلام وريِّهِ

كيما يُحلِق خاويا

كلّ القناديل التي

نامت هنا في الارضِ تروي ما بيا

أين الحقيقة يا عروس البحرِ يا

بنتَ الجبالِ ويا تراتيلَ المياه

أين العدالة للذينَ تطاولوا

فوقَ الحياه

مدّوا جسورا للشهادةِفوق ٱلافِ الجباه

فانشقَّ في صدرِ السماءِ جدارُ دمعٍ هاميا

بيروتُ ما زالت هي

بيروت ما زالت هي

تلك الأميرةُ والنبيلةُ والجميلةُ وانتفاضاتُ الزمان

بيروتُ يا قدّيسة القلب المُدَنَّفِ والمكان

بيروت يا وجعَ القصائدِ حين أتعبني البيان

لكنّنا الشعبُ الجبان

فإذا تململَ غافيا…

بيروت ما زالت هي ٠

***

و نتأمل هنا مدى عمق الكلمات تعبيرا و تصويرا و إيقاعا في مكاشفة تفسر لنا خطوط قصيدة الشاعرة فريدة الجوهري تحت عنوان ( إذا توحَّد شملنا ) :

إذا توحَّد شملنا

من يقذِفُ التاريخ نحو المزبلةْ

يكفي العروبةُ من رُهاب الأسئلةْ

من يشتري الحكَّام مع أذيالهم

فيُثيرُ في سوقِ النُّخاسةِ بلبلةْ

من يسرُقُ الكرسيَّ مع رَكَّابِهِ

وهمُ الكراسي من صميمِ المُشكلةْ

قد كنتُ أقسمتُ اليمينَ على يدي

صوتُ الحقيقةُ في القريضِ مُجلجلةْ

أقلاميَ الحمراءُ يعصُرُها دمي

فتشنُّ حرباً بالمواجعِ مُثقلةْ

حزنٌ تفجَّرَ من عيونِ محابري

فالٱهُ ثكلى والمشاعرُ أرملةْ

وصراخُ أطفالٍ تكدَّس جرحهُم

فالأرضُ تنزِفُ والرياحُ محمَّلةْ

رقصَ الصديدُ على رُفاتِ عروبةٍ

في صدرِها صمتَ القبورِ الماثلةْ

يا أُمَّةً خجِلَ الزمانُ لخزيها

تقتاتُ ميراث الدهورِ الٱفِلةْ

 

نحن الذينَ إذا توحَّدَ شملَنا

بدم الأعادي كم كتبنا أمثلةْ

***

و شاعرتنا فريدة الجوهري تحلق بنا في تأملاتها الفلسفية من مخزون التراث و تجليات صوفية تشرق من اعماق النفس ، لتنضم إلى رومانسية العشق للحياة في توأمة الوطن الذي يلهمها جلال الشعر و الكبرياء معا في صور تعكس لغة تستوعب المشاعر في تدفق من معجمها الخاص كما يبدو لنا في قصيدتها تحت عنوان (منازل الشعر) حيث تقول فيها :

كالموج يسري في أرجوحة الأزَلِ

كالغيمِ يهمي ومثل الدمع في المقَلِ

من خمرة الروحِ من عنقودِ داليةٍ

من سكرةِ الوجدِ من باكورَةِ الأمَلِ

من دمع عاصفةٍ روّتْ حشاشتها

نبض الوتينِ لأمرٍ بالغ الجلَلِ

تولّدَ الشعرُ موسوما على شفتي

يعمٌّدُ الفكر بالإلهام من زُحَلِ ٠

***

و نختم لها بتلك الومضة الصباحية الفلسفية الحوارية مع الليل و القمر ، في إشراقة تحمل دلالات ورؤية ملامح الحياة من خلال تباريح و فيض الأنثى من منظور يعكس مدى العلاقة بين المرأة و الحياة في ثنائية و استمرارية تجسد المواقف متسائلة في دهشة مع صراع الوقت فتقول فيها :

من أنا؟ أنثى القصيدْ

نسغها الممهور من نارٍ ونور

كم تلاقينا وتهنا…

مذ رأينا الضوء يحبو

منذُ ٱلافِ الدهور

نستبيحُ الوقت نسبيهِ اكتسابا

ثمّ نلقيهِ على تلكَ السطور

كان يطوي الليل حيناً يشتكي للبدر للأقمار للأرض البعيدة

حاملا نايات حلم غارق في الصدرِ

يشتاق العبور…

كان يبكي مرهقا حينا..وأحياناً يثور ٠

***

و أخيرا ً بعد هذه الرحلة الشيقة في عالم شاعرتنا التي تحمل رسالة حب و قلب مفعم بالمشاعر و الجمال مع عبقرية الزمان و المكان كي تجسد هوية الشعر من جذور أرض الشام التي لا تعرف إلا الحب و الجمال و السلام برغم نوبات الحرب و الغياب ، لكنها بالتأكيد تمتلك القدرة على التعبير و التصوير يالكلمات في روح التفاؤل برسم مسافات الشوق و الحنين داخل منعطف الإيقاع المتنامي في إطار عملية سؤد و إبداع يكشف خصائص هذا المكون التراثي دائما ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار