فنية

لقاء مع المخرج والممثل التونسي: مولدي الخليفي.. حاورته: سمية معاشي 

🎬 🇹🇳 #لقاء مع المخرج والممثل التونسي: مولدي الخليفي.. حاورته: سمية معاشي

🟠🟠 التاريخ سينصفنا إن خذلتنا الشاشات الآن.

🟠🟠 أفلامنا تُقصى محليًا رغم دعم المندوبين.. والسبب: مديرو الثقافة!

🟠🟠 رفضت عروضًا مغرية لأني لا أبيع قضيتي

_______

حاورته: سمية معاشي

🔸في حضرة الفن يحلّ ضيفي، الممثل والمخرج التونسي المتألق، ذاك الذي لا يلتقط الصور بآلة التصوير فحسب، بل يرسم بها مشاهد تنبض بالشجن والدهشة، كأنما عينه عدسة وقلبه كاميرا، لا يعرف السكون إلا حين يُولد مشهد، ولا يهدأ إلا حين تكتمل حكاية.

هو فنان لا يكتفي بأن يكون خلف الكاميرا، بل يصنع منها جناحين يُحلّق بهما في سماوات الخيال، يقتنص اللحظة، يعانق الضوء، ويحاكي بعمق الصورة ما تعجز عنه الكلمات.

 

وقد كانت آخر مشاركاته الفنية علامة فارقة، إذ تُوّج بجائزة أفضل ممثل مناصفة مع الفنانة العربية الكبيرة سميحة أيوب – رحمها الله – ضمن فعاليات مهرجان العودة السينمائي الدولي، عن فيلمه المتميز «أبوسير». فكان بذلك فخرًا لتونس، ووسام اعتزاز على صدر كل عربي يؤمن بصدق الفن وقوة الصورة.

 

في هذا اللقاء، نفتح نافذة على تجربته الجديدة من خلال فيلمه المرتقب MI، ونتوقف عند بعض المحطات التي شكّلت معالم مسيرته، كما نغوص في رؤيته للسينما الملتزمة، التي ما انفكّ يناضل من أجل أن تظل منبرًا للحق، ومرآة للواقع، وصوتًا لا يخبو في زمن الضجيج.

 

🌹🌹🌹 مرحبا:

 

▪️ بعد تتويج فيلمك الأول، هل شعرت أنك بلغت القمة مبكرًا؟ أم أن النجاح المبكر أصبح عبئًا على اختياراتك القادمة؟

 

🔹أكيد أصبح عبئًا كبيرًا، لأنني أصبحت مطالبًا بتقديم الأفضل دائمًا، خاصة بعد تتويجي كأفضل ممثل. طموحي الآن في الفيلم القصير الجديد هو محاولة التتويج بجائزة أفضل فيلم في المشاركات المحلية والدولية.

 

▪️هل واجهت مضايقات أو عراقيل من مؤسسات أو جهات بسبب جرأة طرحك أو استقلاليتك في العمل؟

 

🔹للأمانة، لم أواجه مضايقات مباشرة، لكن التضييقات تحصل من خلال عدم برمجة أفلامي في التظاهرات المحلية والجهوية من طرف مديري دور الثقافة المحليين، رغم تفهم وحرص المندوبين الجهويين على برمجتها ودعمي ماديًا لإنتاج أعمال جديدة.

 

▪️البعض يرى أن الجوائز بالمهرجانات العربية تُوزّع أحيانًا بناءً على العلاقات لا على جودة العمل.. هل توافق؟ وهل مرّ بك موقف شعرت فيه بالغبن أو المجاملة؟

 

🔹نعم، حصل ذلك معي في مهرجان مغاربي، حيث سلّموني جائزة مناصفة مع مخرج من دولة عربية، رغم أن كل الحاضرين كانوا على اتفاق بأن تتويجه كان مجاملة للأسف، وهذا أمر يؤثر سلبًا على مصداقية التتويجات.

 

▪️ في حلقة “صلة الرحم” التي لاقت ردود فعل جزائرية قوية.. هل كانت هناك رقابة أو تحفظات من جهات رسمية على محتواها؟

 

🔹بخصوص العمل التلفزيوني والسلسلة الاجتماعية “تونسي ونص”، وتحديدًا الحلقة المتعلقة بعلاقة التونسيين بإخوتهم الجزائريين، فقد كانت ردود الأفعال إيجابية جدًا. وعندما أتيحت لنا فرصة مقابلة إطار سامٍ بوزارة الثقافة التونسية، عبّر عن إعجابه بالأعمال الراقية والإيجابية، وأطلعناه على فكرة الفيلم التاريخي المشترك التونسي الجزائري، وكان متحمسًا جدًا. كما أعلمنا بوجود اتفاقية مشتركة مع الأشقاء في الجزائر لإنشاء صندوق دعم فني لمثل هذه المشاريع، وسيبدأ تنفيذها قريبًا.

 

▪️ هل تعتبر أن السينما المغاربية اليوم تعاني من التهميش عربياً؟ أم أن المشكلة داخلية تتعلق بعدم ترويجنا لأنفسنا كما يجب؟

 

🔹للأسف، ما زالت عقلية دعم الأفلام السطحية والساذجة هي المسيطرة، وهي أفلام تمس بالذات الإنسانية وتُميّعها. وهذا يعود لوجود أشباه مخرجين يفتقرون للإبداع، ورغم ذلك يتمتعون بدعم سنوي بفضل المحسوبية. أما السينما الملتزمة، فصعب جدًا ترويجها. وهذا ما نادى به الرئيس قيس سعيد مؤخرًا في لقائه مع وزيرة الثقافة، عندما دعا لدعم الأعمال الجادة والمحترمة.

 

▪️ البعض يرى أن الجوائز بالمهرجانات العربية تُوزّع أحيانًا بناءً على العلاقات لا على جودة العمل.. هل توافق؟ وهل مرّ بك موقف شعرت فيه بالغبن أو المجاملة؟

 

🔹نعم، في بعض المهرجانات، تُمنح الجوائز بالمجان، خاصة عندما يكون المخرج من دولة خليجية أو من دولة نفطية غنية، وهو ما يجعل التتويج في بعض الحالات غير عادل.

 

▪️هل تعتبر أن السينما المغاربية اليوم تعاني من التهميش عربياً؟ أم أن المشكلة داخلية تتعلق بعدم ترويجنا لأنفسنا كما يجب؟

 

🔹المشكلة مزدوجة. هناك تهميش واضح من جهة، ومن جهة أخرى نعاني داخليًا من ضعف الترويج لأعمالنا الملتزمة، وصعوبة فرضها على الساحة في ظل سيطرة سينما الاستهلاك السريع.

 

▪️فيلمك الجديد “Mi..” يحمل عنوانًا رمزيًا وغامضًا.. هل هو نصف علاقة؟ نصف وطن؟ نصف ذات؟ وما الذي ألهم الفكرة؟

 

🔹”Mi..” هو كلمة لاتينية تعني “النصف”، ويحمل عنوانًا رمزيًا بدلالات مشفّرة. تركنا للمتفرج حرية إكمال النصف المفقود، سواء في الفيلم أو في الحياة. هو نصف علاقة، نصف وطن، نصف ذات. “Mi..” هو ليل ونهار، خير وشر، ظلام ونور، احتلال ووطن حر…

 

▪️هل تتجه في هذا الفيلم إلى التجريب السينمائي أم هناك قصة واقعية خلف العنوان؟

 

🔹أطمح دائمًا إلى سينما بديلة ملتزمة، تهدف إلى طرح قضايا إنسانية بعمق، دون الانزلاق إلى السينما المبتذلة أو المستهلكة يوميًا. رُفضت عروض مغرية اشتغل على هذا النوع من السينما، لأنني أؤمن بأن السينما مرآة صادقة للحياة، وهذا ما كان يحثني عليه صديقي محمد المسعودي، السيناريست التونسي، الذي ساهم في كتابة المسلسل التونسي الجزائري “ضفائر”، والذي تناول قضية حرب التحرير والمنطقة الشرقية للثورة وأبطال الحدود التونسية الجزائرية.

 

▪️ هل ستختار معالجة رمزية أم سرداً مباشراً؟ وهل الفيلم سياسي، اجتماعي، أم ذاتي؟

 

🔹في الفيلمين الروائيين القصيرين “غربال الحمري” و”البوسير”، المعالجة كانت ذاتية، لأنهما يعالجان حياة عمّال المناجم. والدي توفي تحت الجبل من أجل “خبز المناجم المر”، وهي تجربة شخصية عشتها كطفل منجمي، وكان شاهدًا على ألم والدته بعد فقدان الأب. أما “Mi..” فهو نقلة نوعية، دون أن أتخلى عن تجربتي في السينما الروائية.

 

▪️ هل “Mi..” يمثل نقلة نوعية في تجربتك السينمائية؟ أم هو استكمال لأسلوبك المعتاد؟

 

🔹نعم، “Mi..” يمثل نقلة نوعية في تجربتي السينمائية الملتزمة، لكن دون أن أغفل عن تجاربي السابقة، خاصة في السينما الروائية الطويلة. حاليًا أعمل على سيناريو فيلم جديد بعنوان “حارس الكنز” أو “حارس الفسفاط”، مقتبس من كتابات صديقي نور الدين بن بوكر، ابن مدينة الرديف المنجمية.

 

▪️هل ترى السينما أداة تغيير فعلي أم مجرد مساحة للتعبير الجمالي؟

 

🔹أكيد أن السينما أداة تغيير فعّالة جدًا. هناك أمثلة كثيرة في الوطن العربي والعالم أثبتت أن السينما يمكن أن تكون حاسمة في التأثير على سياسات دول حتى من بين الدول الكبرى.

 

▪️كيف تقيم العلاقة بين السينما الجزائرية والتونسية اليوم؟ وهل من مشاريع مشتركة مستقبلية؟

 

🔹العلاقة تتطور بشكل ملحوظ، وهناك مشاريع مشتركة بدأت تتبلور فعليًا، منها الفيلم التاريخي المشترك التونسي الجزائري، كما أن هناك دعمًا رسميًا لهذه المبادرات، ما يُبشّر بمستقبل واعد للتعاون بين البلدين في المجال السينمائي.

 

▪️ في ظل ما يسمى بثقافة “الترند”، كيف تحافظ على هوية أفلامك دون الوقوع في إغراء السوق؟

 

🔹ما زلنا نناضل لتقديم سينما ملتزمة، رغم صعوبة فرضها وسط موجة ما يُسمى بثقافة “السندويتش”. صحيح أن أفلامنا لا تحظى بالمشاهدة الواسعة، لكننا نؤمن أن التاريخ والأجيال القادمة ستقدّر أعمالنا وتفهم قيمتها، والحمد لله على ذلك.

 

▪️متى تشعر أن الفيلم أدى رسالته؟ عند تتويجه، أم حين يُحدث ضجة، أم عندما يلامس وجدان المتفرج؟

 

🔹عندما يُعرض الفيلم وتأتي ردود أفعال الجمهور، هذا يسعدنا كثيرًا. لهذا نحرص في “Mi..” على بناء سيناريو يُشرك المتفرج في إكمال الفكرة. طبعًا التتويجات أيضًا مهمة، لأنها تحفزنا على بذل مجهود أكبر لتقديم نسخة أرقى من تجاربنا السابقة.

 

▪️ما الذي تأمله من مشاركتك في أيام قرطاج السينمائية؟ هل هو الاعتراف النقدي؟ الانتشار؟ أم شيء آخر؟

 

🔹شرف المشاركة في أيام قرطاج السينمائية مهم جدًا. لدينا حظوظ كبيرة في مسابقة أفضل فيلم روائي قصير، خاصة بعد تتويج “غربال الحمري” و”البوسير” في مهرجانات دولية. كما أن النقد الإعلامي وتحليل لجنة الانتقاء في مهرجان قرطاج لهما وزن كبير ونأمل أن ننال التقدير المستحق.

____________

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار