السياسيةالمقالات

بين المطرقة الأمريكية والسندان الطائفي..ومابين الثورة الفرنسية إلى سقوط الأخلاق.. ترامب يروي قصة التحكم بالعالم! .

أ م د مهدي علي دويغر الكعبي 

بين المطرقة الأمريكية والسندان الطائفي..ومابين الثورة الفرنسية إلى سقوط الأخلاق.. ترامب يروي قصة التحكم بالعالم! .

 

بقلم الكاتب والمحلل الاكاديمي

أ م د مهدي علي دويغر الكعبي

التدريسي في الجامعة العراقية

 

النظام العالمي الجديد لا يعرف الرحمة.. فهل نعي الدرس قبل فوات الأوان؟ ترامب يتحدث بلا قناع ..لماذا يجب أن يستيقظ العرب قبل أن يُدفنوا؟

 

المقدمة…

في عالمٍ تحوَّل إلى ساحة صراع بين قوتين—قوة المال والإعلام التي لا تعترف بقيم ولا أخلاق وقوة الإرهاب المُقنَّع بثوب الدين —يأتي حديث دونالد ترامب ليكشف بكل وقاحة وصراحة كيف يُدار العالم خلف الكواليس كلامه ليس مجرد تصريح عابر بل هو اعتراف صريح بمنطق القوة الذي يحكم النظام العالمي الجديد حيث لم يعد هناك مكان للأديان أو الأخلاق بل فقط للمصالح والدماء.

منذ الثورة الفرنسية عام 1789 . مروراً بسقوط الخلافة العثمانية وصولاً إلى الحروب الحديثة في الشرق الأوسط يروي ترامب قصة تحوُّل العالم إلى آلة حرب باردة لا تعرف سوى لغة السيطرة نحن لا نأسف على قتل الملايين هكذا يعلنها ببرود مؤكداً أن العرب والمسلمين—بسبب تناحرهم الطائفي وحماقتهم—أصبحوا أدوات سهلة في هذه اللعبة .

حين تجرّدت السياسة من القيم وانفصل العقل عن الضمير واعتلى الشيطان منصة القرار باتت البشرية تُدار بقوة المال لا بقيم الإنسان حديث دونالد ترامب – سواء كان دقيقًا أو مفبركًا أو مجتزأً – يكشف الحقيقة الكبرى التي لطالما خشي الكثيرون من تسميتها .. العالم يُدار بعقلية الربّ المزيف عقلية المال والإعلام والسلاح لا بعقلية الله الذي يأمر بالعدل والرحمة والكرامة.

ففي هذا التصريح يعترف رئيس أقوى دولة في العالم أن “أمريكا شركة لا شرطة” . وأنها لا تسعى للديمقراطية بل للهيمنة لا تريد استقرارًا بل فوضى ولا تهتم بالأخلاق بل بالأرباح هذه ليست كلمات عابرة بل شهادة من قلب الوحش بأن النظام العالمي الذي نشأ بعد انهيار الدين والمبادئ لا يؤمن إلا بالقوة ولا يحترم إلا من يملك زمام الردع.

فهل نستيقظ من غفوتنا؟ أم أن كلمات ترامب هي ناقوس الموت الأخير قبل أن تُدفن المنطقة بأكملها في صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟

 

العالم بين ثلاثة قوى …

1. قوة لا تؤمن بالله وتعبد المال… تمثّلها الولايات المتحدة ومنظومة الرأسمالية العالمية تُدير العالم كالآلة تخطط وتُحارب وتُسقط الدول وتعيد بناءها على طريقتها تُنفق على الحروب أكثر مما تنفق على شعوبها وتستعبد الجميع بإدمان الدولار.

2. قوة الإرهاب الذي لبس ثوب الدين .. جماعات عنف وتكفير صُنعت أو استُخدمت لتشويه الإسلام وتحويله من دعوة للعدل إلى جحيم يسفك دماء الأبرياء هذه القوة لم تولد من رحم الأمة بل زُرعت فيها لتفتيتها من الداخل.

3. قوة الإيمان الواعي بالله .. وهي التي تمثلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لا تخشى المواجهة ولا تستحي من إعلان عداوتها للنظام العالمي الظالم وتصرّ على أن يكون صوت المستضعفين حاضرًا لا تابعًا.

 

بين المال والإيمان .. من سينتصر؟ .

لقد رسم ترامب بوضوح خريطة هذا النظام العالمي الجديد.. لا مكان فيه للضعفاء ولا للذين لا يعرفون من هم وإذا كان العرب غافلين يتقاتلون طائفيًا ويبعثرون ثرواتهم من أجل كراسي واهية فذلك لأنهم كما قال لا يستحقون البقاء بمنطقه المادي.

لكن في الزاوية الأخرى تقف الجمهورية الإسلامية بثقة وثبات رغم الحصار والحرب والدعاية لماذا؟ لأن لديها سلاحًا لم يفهمه ترامب ولا من سبقوه.. الإيمان بالله والثقة بالشعب والقدرة على الصمود والتطوير من الداخل وتحويل الهجوم إلى وعي جماهيري ومشروع تحرر.

حين تُضرب طهران بالعقوبات تُعيد ترتيب أولوياتها وحين تُهدد بالحرب تُطور سلاحها وعقلها ووعي شعبها. الجمهورية الإسلامية لا تحكمها شركات بل عقيدة ولا يُديرها لوبيات بل مشروع حضاري يمتد من قم حتى فلسطين.

 

ماذا عن العرب؟ .

نحن في عالم لا يعترف إلا بمن يملك قوة الردع لا قوّة التبعية لن يُجدي البكاء ولن تنفع الخطب فالذي لا يؤمن بقضيته لا يستحقها والعالم لن يرحم أمة لم تعرف بعد كيف تكون أمة.

بينما يحكمنا الجهل والتفرقة والعمالة ويشتري منا ترامب النفط ثم يبيعه لإسرائيل أمنًا واستقرارًا نقف أمام الحقيقة العارية .. إما أن نُولد من جديد أو نُمحى من الخريطة.

 

الرسالة الأخيرة..

قد نختلف مع إيران في السياسة أو ننتقدها في بعض المواقف لكن الحقيقة لا تُنكر .. هي الجبهة الوحيدة التي لم تنكسر لم تساوم لم تفرّط بل صمدت وانتجت وخاضت معركة العقول لا فقط البنادق

وعلينا أن نختار .. هل نكون أدوات بيد من يحتقرنا أم شركاء في صناعة مستقبل لا تديره الشركات بل القيم والإيمان والعقول؟

 

ولنا أن نسأل .. متى سنكف عن تقليد من يحتقرنا؟ ومتى نصبح نحن الصوت لا الصدى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار