الثقافة والفن

نص ..شاعرةُ التّحدّي .. بقلم الأديبة سامية خليفة /لبنان.  

نص ..شاعرةُ التّحدّي .. بقلم الأديبة سامية خليفة /لبنان.

 

أنظُرني بعدَ عاصفةٍ فتكتٔ بأحشاءِ السّكون، أتراني أمسيْتُ ركامًا منسيّا، ها نحن يا ورقةَ الخريفِ الذّابلة نتشابهُ، أنا أحصي بقايايَ، وأنتِ تعدّين انهمارَ العواصفِ على جسدكِ الرّقيقِ، أنتِ تتشبّثين بأذيالِ الأملٍ ، وأنا أتشبّثُ بعنادي وصمودي، أنت ما زلت توارينَ سوءةَ غصنٍ باكٍ خائفٍ على فراقك، وأنا بكلّ تحدّ أداري ذاتي الكئيبةَ من الأوهامِ.

أنت يا ورقةُ، لمعةُ حبّ الحياة فيكِ تتحدّى بجسارةٍ جفافَ الأيّامِ، لتبقى بارقةً على وجهِكِ المنيرِ، وأنا مثلكِ، تتقاذفني العاصفة، تحاولُ أن تطفئَ ذبالةَ نبراسي، ها هي مشكاتي تئنُّ خوفا من انطفاءِ الأنوارِ، وها هي صومعتي تُدفن برمالِ ساعةٍ رمليّةٍ تتشقّقُ لتخرجَ من بينِ ضلوعِها الأيّامُ، لكنّني مثلكِ يا ورقةُ اخترتُ التّحدّي ديدني.

أنا شاعرةُ التّحدّي أقفُ بنصفِ قدمٍ وقفة عزّ وإباء. أنا شاعرةٌ ترى من بين ثقوبِ الجدرانِ تقلبات الفصولِ، تقطفُ الرَّياحينَ من حقولِ المعاني، تمحو آثارَ خدوشِ الزمانِ عن جسدِ اليقينِ المتدثِّر بعفنِ واقعٍ غابتْ عن أرضِه أدنى القيمِ، تُسائلُ نبضاتِ ضميرِ الإنسانِية أن جدّد يا ضميرُ دماءَك ونقّها من تلوّثاتِ الفسادِ، واجعلْها تسيلُ في شرايينِ المحبّةِ قبل فواتِ الأوان.

أسائلُكِ يا إنسانيّةُ هل ما زلتِ صامدةً في ضمائرِ البشرِ كما ورقةُ الخريفِ، كما غلواءُ شاعرةٍ لا تقبلُ الانهزامَ؟

 

سامية خليفة /لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار