رسالة إبليس للإنسان الأديبة والمفكرة الدكتورة جعدوني حكيمة نينارايسكيلا.

رسالة إبليس للإنسان الأديبة والمفكرة الدكتورة جعدوني حكيمة نينارايسكيلا.
من رواية إبليس الرسول، نبي الظلام
الـرسالة مفهوم سامي ومرموق
وحاجة تفرض وجودها على سلامة الجميع، لكن إذا أعدنا صياغة معناها من جانب آخر سندرك أن الشعور بها تجاه شخص ما، يعني توافق طبيعتنا مع هذا الشخص بعينه.
نحكم على نوعية السلوك عندما لا يستطيع مغادرة منطقة الاطمئنان محدِّدا بذلك تعلّق النفوس بطاقة الشرّ أو الخير. في هذه الحالة، لا يوجد ما نسميه انقياد أو إرغام، بل يقاس حب ممارسة الفعل المخصّص لمسألة ما، بمقدار نسبة الأمان الذاتي التي تمّ جنيها.
من الطبيعي إذن ألا ينعم المرءُ الصالح بالسكينة عند مزاولته الشرّ، كما لا يتقبّل الشخص الطالح آداء الخير.
لا عذر لديكم، إن وعي الحقيقة ليس مقتنع بأي دفاع منكم بهدف الدفاع فحسب، الذنب كل الذنب صدر عنكم، فأنتم من مشيتم خلف رسالة ملك الظلام وكنتم تؤيّدون خليفتها، قبلتم باستلام إرثها، كل واحد منكم كان ينظر إلى نفسه وليّ عهدها والناطق الرسمي باسم وصيّتها.
لا أحد أرغمكم على قبول ممارسة الطيش، في حين أنتم من وقفتم أمام متجره صفًا صفًا وطابور حماسكم طويل، بطول الفساد الذي تحَمّله تاريخكم.
لا تنكروا أن هذه نزعتكم وميولكم، هذا الذي أخفيتموه بغطاء النفاق وأبصرتموه بعيون اللهفة وأحببتموه بإخلاص، أثبته فرط راحتكم بين يدي المحرّمات.
كل ما في الصراحة أن طبائعكم توافقت مع أسلوب الرسول إبليس، فركضتم إلى أحضانه دون أن يحرّك نحوكم ساكنه فكان المغنّي والراقص الشهير وكنتم معجبيه، تتمسّكون به في قلوبكم، داخل نواياكم وتستنكرون بألسنتكم في العلن محبّتكم له، دخلتم بيته السلبي آمنين وهربتم من حماية خالقكم خائنين، يكفي أن يكون هذا دليل واضح على ثقكتم بإبليس الذي تجري جيناته الوراثية في عروقكم وتتجذّر أفكاره في مصالحكم وينعكس ضعفه في تفاهاتكم.
لا سلطان ولا غواية لإبليس عليكم، فالذي يظهر من هذا الايمان به هو أنكم تقبّلون تراب أقدامه وتغتسلون بقذارته وتأكلون وساخته وتمثّلون وقاحته، ثم تستنكرون عدم القدرة على العيش من دونه، وسبب صمتكم عن غُصّة الإعتراف هو أنكم تعرفون جيدًا أن القوة للإله وحده.
لا داعي لأن تتظاهروا بالإنتماء لمقام ليس بمقامكم، فالخالق يعلم أنكم تقبلون بدعوة إبليس الرسول وإبليس يعلم أنكم خونة بالفطرة ،إذ من المستبعد جدا وصف حوادث الغواية المأساوية التي يتعرّض إليها الأكثرية بالظلم، لأن إبليس ليس له سلطان على ما تورّطت فيه الجنّ والإنس من تمرّد ساديّ، جرّهم إلى اقتراف ذنب الشرك العظيم؛ فهو لم يتعدّى على ملكية الحرية لأي أحد، إنما لاقت شخصيته إعجابًا دهريًّا من طرف كل نفس اختارته بملئ إرادتها، حبًّا في أفكاره المشبوهة وعشقًا في تحرّره من القيود الربانية .