الاستنباط الفقهي وتراكم التجربة الفقهية في اطروحة سماحة الشيخ ” باقر بري ” قاسم ماضي -ديترويت
الاستنباط الفقهي وتراكم التجربة الفقهية في اطروحة سماحة الشيخ ” باقر بري ” في كتابه فقه النظرية عن الشهيد الصدر .
صدرعن ” دار الهادي ” للطباعة والنشر والتوزيع في لبنان كتاب بعنوان ” فقه النظرية ” عند الشهيد الصدر، ويقع الكتاب في 158 صفحة من القطع الكبير.
وهو من الكتب التي طبعت ضمن سلسلة الكتب التي تصدرها مجلة ” قضايا إسلامية معاصرة “والتي يتولى رئاسة التحرير لهذه المجلة الأستاذ ” عبد الجبار الرفاعي “وهذه المجلة تهتم بالكتب ذات المضامين التي تبحث بأهمية قضايا حساسة في الدين الاسلامي وتناقش معطيات الساحة العالمية الاقتصادية في ضوء المعايير الاسلامية .
وخاصة نحن نعيش صراع الأديان .وان الاسلام بالذات هو دين المنطق السليم .فهو الذي حررالعقل البشري من إسار التخلف والخرافات والشرك .
والكتاب يحتوي على أربعة فصول، ويشمل الفصل الاول فقه النظرية : تحديد المصطلح ، والفصل الثاني : الشهيد الصدر والمنهج الموضوعي ، والفصل الثالث : ضوابط ذلك الفصل الرابع : فقه النظرية الاسلامية نموذج تطبيقي .وتقديم ومقدمة . وفي التقديم يقول الأستاذ ” عبد الجبار الرفاعي ” وكان أول من تناول منهج الشهيد الصدر في فقه النظرية الأخ الباحث ” عبد السلام زين العابدين ” في دراسة جادة تحت عنوان ” الامام الشهيد الصدر ، من فقه النص إلى فقه النظرية ” ص8
ثم جاءت المقدمة التي كتبها الباحث سماحة الشيخ ” باقر بري ” ليقول ان الشهيد الصدر لم يكتف بمجرد صياغة نظريات إسلامية عامة ، بل اشتغل أيضاً على بلورة منهج متماسك يعتمد عليه في هذا الاتجاه ص13
المنهج الموضوعي في فقه النظرية ، قائلا سماحته ” خلال السنة الأخيرة من دراستي في جامعة الإمام الصادق عليه السلام ،أخذت أفكر بالموضوع الذي يناسب أن أقدم فيه أطروحة الماجستير، وكان قد شغل تفكيري قبل ذلك النظر في المناهج الإسلامية الموجودة لتحديد أيها يصلح ” ص11
وهنا نقول هذا الفكر الإبداعي الخلاق كما تؤكد عليه جميع المصادر التي تناولت الشهيد المفكر ” محمد باقر الصدر “فهو فيه النظرية لا فقه الفرد ، وفقه الدولة والاقتصاد والسياسة لا الفكر الوافد الذي لا يعرف غير ردة الفعل والمعارضة ، لا شك ان كل من يسعى لتأسيس كيان اسلامي حقيقي لن يستغني عن ابداعات السيد الشهيد الصدر الأول ، ففي فكره نجد فقه النظريات المتكاملة التي ترسم التصور الإسلامي للوجود والحياة الإنسانية .
واعتمد الباحث على عدة مصادر من إجل إيصال ثيمة الاطروحة بما يتناسب مع فكرة التكامل البحثي مع من سبقوه الذين ركزوا على محاور متنوعة من نظرية الامام الصدر ،وكتب مقدمة الكتاب ” عبد الجبار الرفاعي ” . قائلا –
والكتاب الماثل بين أيدينا أحدث دراسة في فقه النظرية عند الشهيد الصدر، وأصل هذا الكتاب رسالة تقدم بها الطالب ” باقر بري ” لنيل درجة الماجستيرفي الشريعة الاسلامية من جامعة الإمام الصادق في طهران ، ونوقشت هذه الرسالة ” صيف العام 1999 ، وتألفت لجنة المناقشة من سماحة الشيخ ” علي الستخيري ” رئيسا ، وسماحة السيد ” أحمد علم الهدى ” عضواً ، وعبد الجبار الرفاعي عضوأ ، وأجيزت بتقدير ممتاز .
ولهذا نجد الباحث ” بري ” عمل عبر هذا البحث بكل ما يستطيع من أجل تحليل مدلولات النص في ضوء معطيات الواقع ونتائج التجربة البشرية ، وبيان اصول منهج التأصيل النظري تحدثت عن تطبيقات هذا المنهج في ” اقتصادنا ” وهذه المحاولة جاءت لنفض الغبار عن فكرة وموضوع مهم أُهمل طويلاً ووجدنا من الضروري إلقاء الضوء عليه مرة أخرى ، ووضعه في أجندة المفكرين والفقهاء الإسلاميين من الباحثين .
ولا ننسى ان سماحته عاش في بيت ديني وتربى ونهل من علوم هذا البيت منذ نعومة أظفاره والجميع يعرف هذا الصرح الثقافي والديني و هو ” المجمع الاسلامي الثقافي ” في ولاية ميشيغان والذي يتولى إدارته الدينية سماحة المرجع اية الله ” عبداللطيف بري ” ويعد من أشهر الأسماء التي دافعت بقوة لتأسيس مضادات كل من يعادي الاسلام والمسلمين في الغرب .ومع هذا إستعان بسماحة الشيخ ” محمد علي التسخيري ” وهوأحد طلاب الشهيد الصدر البارزين ، فشجعه على الاقدام ، وناقش معه خطة العمل البحثي التي عملت قدر الإمكان على إخراجها إلى دائرة الضوء في هذه الأطروحة ، التي إتسمت بالعملية والواقعية معتمدة على على مصادرعلمية ذات رصانة ومنهج تطبيقي دقيق لاستنباط مفردات نظرية الصدر . أهلته لنيل أعلى درجة وهي ” الامتياز ” وقد عزز الباحث رؤيته البحثية بإعتماده على عدد من الاحاديث النبوية الشريفة ،مستشهدا ً بقول رسول الله ” ص ” جاء في عدة روايات أن سمرة بن جندب كان له عذق ، وكان طريقه اليه في جوف منزل رجل من الأنصار، فكان يجيئ ويدخل على عذقه بغير إذن الانصاري ، فقال الأنصاري ، يا سمرة لا تزال تفاجئنا على حال لا نحب أن تفاجئنا عليه ، فإذا دخلت فاستإذن ، فقال : لا أستأذن في طريق ، وهو طريقي إلى عذقي ، فشكاه الأنصاري إلى رسول الله ” ص ” فأرسل اليه رسول الله فأتاه فقال : ان فلانا قد شكاك وزعم انك تمر عليه وعلى أهله بغير إذن ، فاستإذن عليه إذا أردت أن تدخل : فقال : يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقي ؟ فقال له النبي “ص ” خل عنه ولك مكانة عذق في مكان كذا وكذا ، فقال ” لا ” فقال رسول الله “ص ” انك رجل مضار ولا ضرر على مؤمن ، ثم أمر بها رسول الله فقلعت ورمى بها اليه .
وقد إتسم هذا البحث بغناه الفكري والاكاديمي وتنوع مسارات إشتغالاته المعرفية ورصانة مادته العلمية الامر الذي يستحق ان يكون في جميع المكتبات العربية ويترجم الى جميع اللغات لما فيه من فوائد تناسب هذا العصر حيث ثمة مقاربات أوردها البحث تتعلق بالمناهج الاقتصادية المعاصرة التي حولت العالم الى غابة كبيرة سلب فيه أصحاب النفوذ والاقتصادي حقوق طيف واسع من المجتمع البشري الذي يعيش هوة إقتصادية آخذة بالاتساع مع تحولات اليآت إشتغال الرأسمالية الجديدة التي باتت وسيلة لمحاربة الانسان بلقمة عيشه الامر الذي يطرح العديد من التساؤلات في ضوء الازمات الاقتصادية التي تعيشها المجتمعات البشرية حول شكل النظام الاقتصادي الذي يجب أن يصاغ لتحقيق قدر من الانصاف للمسلوبة حقوقهم في المجتمع الانساني الكبير ، الذي كبلته قوانين القوى الكبرى التي تتحكم بالاقتصاد والسياسة في عالم اليوم ، حيث أصبح العالم ميداناُ للمبارزة ومسرحا للقتل والدم والموت وغياب التوازن الاقتصادي بين الاغنياء واللفقراء ، ويعد هذا النوع من الكتب مفيدا لما فيها من فوائد في أيقاظ العقل البشري ، رحم الله الشهيد ” محمد باقر الصدر ” ونشد على يد سماحة الشيخ ” باقر بري ” في ارسال اشارات الى هذا العالم الذي يطفو على الباطل ، وهو يقف مع الحق من أجل نصرة المظلوم . والجدير بالذكر أن سماحة الشيخ باقر بري كان قد أصدر عددا من الكتب نذكر منها ( إضاءات على كتاب الاستشراق ، أزمة الهوية والتحديات المعاصرة ، مواكبات ) واتسمت الكتب ببعدها البحثي .
قاسم ماضي -ديترويت