كتبتُهُ عموديًّا فحَزِنتُ بقلم سليمة مالكي . المغرب

كتبتُهُ عموديًّا فحَزِنتُ بقلم سليمة مالكي . المغرب
خطرَ لي أن أكتُبَ شِعرًا
لكن ليس حرًّا ولا طيرًا
عموديًّا وزنًا ونَظمًا
وحرصتُ أن يكونَ بحرًا
طويلًا كاملًا أو بسيطًا
عزمتُ على ذلك
إنّما احترتُ…
فوجئتُ بحروفي تنتفِضُ
تُقبِلُ بجنونٍ وتستعِرْ
هي لا ترضى الرضوخَ
وتختصِرْ…
كلَّ قوانينِ العَروضِ
وضوابط اللغة والبيان
بحورَ الشعرِ والطغيان
قوافيَهُ والأوزان…
ثِقَلَ المعاني ووَقْعَ النَّظمِ
وبالختامِ ذلك اللحن الرنّان…
يا إلهي ! ما كلُّ هذا التعقيد؟!
ما جرَّني لهذا العموديِّ
الضاربِ بالعنوان؟
كيفَ لي أن أُواجه المتنبي
وهو الذي أرجعَ البصرَ لأعمى؟
وكيفَ أُنازِلُ عنترةَ في صهيلِهِ ؟
أَيَمتطي حرفي جوادا دونَ غُبار؟
وامرؤُ القيسِ أوَّلُ نارٍ أُوقِدَتْ جذوةُ العشقِ
هل أُشعِلُ النار بعدَهُ في ليلِ الأشعار؟
وزهيرٌ في حكمتهِ وزنٌ أثقلَني
وكأنَّ شعري صبيٌّ ساذجٌ بينَ الفرسان.
وابنُ زيدونَ حبُّهُ أضناني
وأغارُ من شوقِهِ على قوافي العُربان.
فكيفَ لي بِسباقِهِم، وكلُّهم شاعرٌ مجنونٌ وأناني؟
وإنِّي وإنْ عجزتُ
فحرفي عنيدٌ لا يُذِلُّهُ التعسيرُ ولكن …
أنظِمُهُ بسلاسةِ أوجاعي
وهدوءِ أفكارٍ تقتحمُ المفروضَ والغريبَ والمختلِف
وإنْ تكسَّرَ في الطريق
فما سجدَ الحرفُ يومًا
وانحرَفْ…
ولا استسلم للانهيارِ أو المستحيلِ أو للخرِف
قد لا أكونُ الخنساءَ ولا ابنَ طُفيلٍ
لا شوقي لا جرير بهجاءه للقاصي والدان…
ولكني حاولتُ ترويضَ حروفي بضميرٍ
أكتبُ وجعي بصدقٍ وتدبيرٍ…
أُخرِجُها من جُبِّ الصمتِ
وأرميها بينكم كتقريرٍ
هي صاخبةٌ حينًا وحينًا تَلين
لكنّها حُرّةٌ أبيّة
خُلِقَتْ لِتُحلِّقَ وتطيرْ.
فهي حروفي أنا، نور القمر،
بلا زيادةٍ أو تغييرٍ
لا تخضع لمقصلة الشك ولا لميزان الشعر العمودي العسير….ورغم ذلك أعترف أن متعة القراءة فيه رحلة خيالية خالصة بين بحر طويل و كامل بسيط وافر ومتقارب .
بقلم سليمة مالكي
نور القمر

