
وطن الأثرياء وكفن الضعفاء.. حين يصبح الفساد دستورًا! المحنطون على كرسي الحكم.. كيف يبيعون الوطن في مزاد المسؤولية؟ سفارات للمحاسيب.. ومناصب للمزاد.. إلى أين يسير الوطن ؟
بقلم أ م د مهدي علي دويغر الكعبي
في بلاد أنهكها الفساد وتآكلها الجشع من الداخل أصبح الوطن مسرحًا مفتوحًا لأثرياء السلطة ومقبرةً واسعة لضعفاء الحلم وطنٌ في مهب الريح يتقاذفه السياسيون كما تتقاذف الأمواج زورقًا مثقوبًا لا شاطئ له ولا مرسى وطنٌ تُعرض فيه المناصب في مزاد الانتخابات وتُشترى فيه الوظائف الدبلوماسية بثمن الولاء والانتماء العائلي لا بالكفاءة ولا بالمصلحة العامة.
هنا في هذا الوطن يُعيَّن القريب لأن اسمه منسوب إلى نائب أو وزير أو رئيس حزب وتُقصى الكفاءات لأن لا سند لها سوى الوطن والوطن لا سند له!
نعم نحن في عصر المومياءات السياسية، عصر الساسة المحنطين، الذين رفضوا مغادرة مقاعدهم كأنها امتداد لجسدهم أو ورثوها كما تُورث العقارات هؤلاء هم من أسميتموهم “نواب المؤمورية أو “نواب التواقيع أولئك الذين يتاجرون بالدساتير ويغيرونها كما تُغير أقمشة الكراسي التي جلسوا عليها حتى صار الوطن كله تحتهم مقعدًا واسعًا من الفشل والخذلان.
لقد سقطت القيم وتبخرت الروح الوطنية وأصبحت كلمات مثل “الإصلاح” و”التغيير” مجرد أناشيد انتخابية بلا حياة ولا ضمير صارت الحكومة في أضعف الإيمان عاجزة عن تسيير يومٍ عادي منشغلة بتوزيع الحصص بين أبناء الطوائف وورثة الأحزاب وتجار السياسة.
أما الشعب؟ فهو ما بين ساخطٍ وصامت مقهورٍ ومحبط تائهٍ في دوامة من الانتظار واليأس شعبٌ يَرَى كيف تُداس كرامته كل يوم وكيف تُغتصب حقوقه وتُسرق ثرواته ويُدفن مستقبله على أيدي زمرة من المحنطين الذين لا يرون فيه إلا سلّمًا للسلطة وأداةً للعبور لا أكثر.
تُدار الدولة كما تُدار الشركات العائلية والوزارات تُقسم كما تُقسم التركات والسفارات توزع كمناصب شرف لأبناء العم والخال في صفقات مغلقة لا صوت فيها للشعب ولا مكان فيها للوطن.
في ظل هذا النظام المتآكل تهيمن دولة الفاسدين وتتغلغل أذرعها الأمنية والمالية في جسد الدولة ليُصادر القرار السياسي وتُختطف المؤسسات وتتحول كل السلطات إلى يد واحدة لا تعرف القانون إلا كأداة لقمع من يعارضها.
فأين النقابات؟ أين الأحزاب الوطنية؟ أين المجتمع المدني؟ لقد تم تدجين الجميع إما بشراء الذمم أو بإرهاب الفقر أو بتخدير الشعارات كلهم وقعوا في فخّ التبعية وأصبحوا جزءًا من ماكينة إعادة تدوير الفشل.
ووسط كل هذا العبث تزداد معاناة المواطن المقهور الذي يُسحق كل يوم تحت وطأة غلاء الأسعار وغياب الدواء، وانعدام الخدمات وارتفاع نسب البطالة واتساع الفجوة بين من يملكون كل شيء ومن لا يملكون حتى فتات الحياة.
المحنطون يزدادون ثراءً ونفوذًا ونحن نزداد فقرًا وقهرًا هم يعيشون في الأبراج العالية ونحن نغرق في الوحل هم يورثون أبناءهم المناصب ونحن نورث أبناءنا وجع الوطن.
لكن التاريخ لا ينسى وغضبة الشعوب إذا اشتعلت لا تبقي ولا تذر الحليم إذا غضب كانت نيرانه أقوى من كل الطغاة فليتّعظ من في الحكم قبل أن يكتب التاريخ على وجوههم عارًا لا يُمحى وليعلموا أن لعنة هذا الشعب ستلاحقهم في حياتهم وبعد مماتهم.
في النهاية لا نقول إلا ..
اتقوا دعوة المظلوم واتقوا لعنة الأرض قبل لعنة السماء فالوطن ليس مشاعًا، ولا المناصب ميراثًا وكرامة الناس ليست سلعة سيأتي يوم تُرفع فيه الأكف لا بالدعاء فقط بل بالغضب الذي لا يرحم… وعندها لن تنفعهم لا الأحزاب ولا الألقاب ولا الحصانات.
فالوطن الذي كُفّن فيه الضعفاء لن يسكت طويلاً عن لصوص المقابر احذرو أنها مورتانيا وعنها أتكلم يا مسلمين ؟؟؟
