(حين يخفت الشغف وتحتاج الروح أن تتنفس) بقلم الست سلاهب الغرابي. جمهورية العراق 🇮🇶

(حين يخفت الشغف وتحتاج الروح أن تتنفس) بقلم الست سلاهب الغرابي. جمهورية العراق 🇮🇶
الشغف هو تلك الطاقة التي تمنح للحياة معناها، وتجعل للأيام لونًا مختلفًا عن مجرد البقاء، وحينما يوجد الشغف فيربط الإنسان بجوهره، ويغدو ما يفعل امتدادًا لما يؤمن به ويحبّه. فهو ليس اندفاعًا مؤقتًا ولا حماسًا عابرًا، بل هو حالة انسجام عميق بين القلب والعقل والروح.
من المنظور النفسي، الشغف هو الوقود الداخلي الذي يدفعنا نحو الإبداع والنمو أما من المنظور الفلسفي فهو انعكاس لاتصالنا بالمعنى، فكلما كانت غاياتنا منسجمة مع قيمنا، اتقدت فينا نار الحياة.
أحيانًا، يخفت ذلك الضوء، نستيقظ فنشعر أن ما كان يحرّكنا بالأمس صار اليوم عبئًا، أو مجرّد عادة لكن الحقيقة أن الشغف لا يختفي، بل لا نشعر به حين تُرهقنا الضغوط، أو حين نُكثر من الجري خلف ما لا يشبهنا، وهذا يوصف باستراحة الروح من ضجيج الحياة، فقدان الشغف ليس ضعفًا كما نظن، بل إشارة لطيفة من النفس تقول: لقد تعبت، أمهلني قليلًا.
إنها لحظة تحتاج فيها الروح إلى صمت، والعقل إلى تأمل، والقلب إلى أن يشفى.
إذا فقدت الشغف امنح قلبك مساحة للشفاء، وجرب، واكتشف، وتواصل مع نفسك ومع الله _عزّ وجلّ_، فالشغف سيعود حينما تتصل مجددًا بما يروي روحك.
الشغف لا يُخلق من الخارج، بل يُستعاد من الداخل، وإنه ليس في الأشياء التي نطاردها، بل في الطريقة التي نراها بها، وحين نفقده، فذلك لأننا ابتعدنا عن ذواتنا أكثر مما ابتعدنا عن أحلامنا.
الشغف، في جوهره، هو أن نحيا بصدق، أن نمارس ما نحب لا لنُثبت للعالم شيئًا، بل لأننا نجد فيه انعكاسًا لوجودنا.
أهم الإرشادات لاستعادة الشغف:
١. تواصل مع الروح:ابدأ من الدعاء، من الذكر، من التأمل
هذه ليست طقوسًا روحية فحسب، بل هي لحظات صفاء تعيد ترتيب الفوضى في الداخل،
وتذكّرك أن الشغف يولد من السلام، لا من العجلة.
٢. أصغِ إلى ذاتك: تأمل رغباتك الحقيقية واسأل نفسك: ما الذي يحرّكني بصدق؟
حين تصغي بإخلاص، ستدرك أن الشغف لا يُكتشف بجهدٍ بل يُستعاد بالوعي.
٣. حرّك طاقتك الإبداعية: اقرأ، اكتب، ارسم، أو جرّب شيئًا جديدًا.فالتجربة تفتح نوافذ الروح، وتعيدك إلى الإحساس بالحياة.
٤. اعتنِ بجسدك: النوم الكافِ، الطعام الصحي، وممارسة الرياضة ليست رفاهية، بل أساس لتوازن عقلك وروحك، فالجسد مرآة لما في الداخل.
٥. أحط نفسك بالنور: كن مع من يشبهونك في الفكر والإحساس، من يوقظون فيك الأمل لا القلق.
فالكلمة الطيبة والرفقة الصالحة تزرع بذور الشغف من جديد.
الشغف لا يعود بالضغط أو الإصرار، بل بالهدوء والتدرج.
إنه زهرة لا تنبت في العجلة، بل تنمو في صبرٍ .
ومع كل خطوة صغيرة نحو ذاتك، سيعود بريق الحياة إليك دون أن تشعر.
الشغف ليس غاية نُطارِدها، بل حالة نبلغها حين نتصالح مع أنفسنا، هو ثمرة التوازن بين الفكر والإحساس، بين العمل والإيمان، وما دام في القلب نبضٌ، وفي العقل سؤال، وفي الروح يقين،
فإن الشغف لا يغيب … بل ينتظر أن نعود إليه
فحين يبهت الشغف، لا تبحث عنه في الناس أو الأشياء، بل في
السجود، حيث تلتقي الروح بخالقها وتستعيد نورها.
ومن عرف طريقه إلى الله، لن يضل طريقه إلى ذاته، لأن الشغف في جوهره نفحةٌ من الإيمان تنبعث كلما أخلص القلب في طلبها.
سلاهب الغرابي