السياسيةالمقالات

قصةُ الوزيرِ نعيم العبودي والكوادر التعليمية أنموذجًا للتفاعل القيادي في زمنِ الجمود الإداري

بقلم: أ.م.د. مهدي علي دويغر الكعبي

القيادةُ… النجاحُ فوقَ الأنانيةِ برسالةٍ إنسانية

 

قصةُ الوزيرِ نعيم العبودي والكوادر التعليمية أنموذجًا للتفاعل القيادي في زمنِ الجمود الإداري

 

بقلم: أ.م.د. مهدي علي دويغر الكعبي

الخميس ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥

رأي وتحليل

 

ولايةُ اللهِ باقيةٌ وإن تلاشت مناصبُ البشر

كيف يواجه الوزيرُ نعيم العبودي الحسدَ والأنانيةَ الإدارية؟ دروسٌ في الصمودِ والقيادة

 

تمهيدٌ: القيادةُ لا تُعرَفُ بالمناصبِ بل بالمواقف

 

في زمنٍ تتشابهُ فيه الوجوهُ وتختلطُ فيه الأدوار يسطعُ نجمُ القيادةِ الحقيقية لا من خلالِ الألقابِ والكرسي بل بالمثالِ والرسالة.

لقد جسّد معالي الدكتور نعيم العبودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي صورةَ القائدِ الواعي الذي جعل من التواصلِ مع الكوادرِ التعليمية والطلابية ميدانًا حيًّا لتجسيدِ روحِ الإصلاح.

فلم يكن حضورهُ حضورَ منصبٍ بل حضورَ فكرٍ وضمير حيثُ تحوّلت الوزارةُ بجهودهِ إلى خليةِ تفاعلٍ إنسانيٍّ ووظيفيٍّ نابضةٍ بالحياة بعدما كانت تعاني من جمودٍ إداريٍّ طال أمدُه.

 

وفي المقابل يقفُ بعضُ رؤساء الجامعات موقفَ التعنّتِ والأنانية يخالفون القوانين واللوائحَ لأسبابٍ شخصية وكأنَّ المناصبَ إرثٌ لا أمانة نسوا أن القيادةَ مسؤوليةٌ قبل أن تكون سلطة وأن ولايةَ الإنسان زائلة بينما ولايةُ اللهِ دائمةٌ لا تنقضي.

فالنجاحُ الحقّ لا يُقاسُ بما يُحصدُ من نفوذٍ بل بما يُزرَعُ من أثرٍ خالدٍ في الوجدانِ الوطني.

 

من الصبرِ إلى الإنجاز… قصةُ قائدٍ لا يعرفُ المستحيل

 

ليست القيادةُ عند العبودي شعارًا يُرفَع بل ممارسةٌ تُعاش.

فهو يقودُ التعليمَ العالي بعقلٍ متزنٍ ورؤيةٍ إصلاحيةٍ تضعُ الكفاءةَ قبل الولاء وتُعلي شأنَ الفكرِ على الحاشية.

لقد واجهَ حملاتِ التثبيطِ والحسدِ برباطةِ جأش لأنَّهُ أدركَ أن القيادةَ ليست في مواجهةِ العدوِّ بل في الصبرِ على الصديقِ حينَ يُخفق.

إنها قيادةٌ صنعت من الصبرِ إنجازًا ومن التواضعِ مجدًا ومن الإصغاءِ إلى العقولِ لا إلى الحاشيةِ منهجًا دائمًا في العمل.

 

القائدُ وتُجّارُ الوهم… بين نزاهةِ الرسالةِ وحيلةِ الحاشية

 

في مؤسساتنا يطفو على السطحِ نوعٌ من البشرِ لا يعرفُ للضميرِ دربًا ولا للوطنِ وزنًا.

يتسلّقون المناصبَ كما تتسلقُ الأعشابُ جدرانَ البيوت يتكاثرون بلا فكرٍ ويتصدّرون بلا كفاءة.

هم فاسدو الحاشية الذين جعلوا من المنصبِ غنيمةً ومن الوطنِ مزرعةً لمصالحهم الشخصية.

 

لقد صدق نابليون بونابرت حين قال.. “القائدُ تاجرُ الأمل ولكن عليه أن يكونَ تاجرًا أمينًا.”

غير أن كثيرًا من هؤلاء جعلوا من الأملِ سلعةً للمتاجرة ومن القيادةِ وسيلةً للاستحواذِ والهيمنة.

 

هم خطباءُ كلامٍ وعاجزون عن الفعل يكرهون النقدَ لأنَّه مرآةُ ضعفِهم ويستأنسون بالمديحِ لأنه يُخدّرُ ضمائرَهم.

جبناءُ في مواجهةِ التحدي يتوارَونَ خلفَ المكاتبِ والقراراتِ الورقية ظانّين أن السلطةَ حصنٌ منيع وهي في حقيقتهاِ امتحانٌ صعبٌ لا ينجحُ فيه إلا من امتلكَ الشجاعةَ الأدبيةَ والضميرَ الحي.

 

نعيم العبودي… القيادةُ التي تُصغي لا التي تتعالى

 

إنَّ ما يميّز الوزيرَ نعيم العبودي هو ذلك التفاعلُ الإنسانيّ والوظيفيّ الرفيع الذي جسّده مع كوادر وزارته وجامعاتها.

فقد جعلَ من الوزارةِ بيتًا مفتوحًا للأفكارِ لا أسوارًا مغلقةً للمصالح ومن الإدارةِ حوارًا لا أوامر ومن المنصبِ تكليفًا لا تشريفًا.

تراه يصغي للعقولِ قبلَ أن يُصغي للأصوات ويستنهضُ الطاقاتِ بدلًا من أن يُكممها ويؤمن أن القيادةَ ليست امتلاكًا للمنصب بل امتلاكُ فكرٍ وضميرٍ وشجاعةٍ في مواجهةِ التحديات.

 

بين القائدِ الصادقِ والمتسلّطِ الصغير

 

على الجانبِ الآخر يقفُ من أفسدتهُ الأنانيةُ وأعمتهُ نزعةُ “الأنا”.

هؤلاء الذين يخالفون التوجيهاتِ الوزاريةَ لا حبًّا بالوطن بل انتقامًا للذات ظانّين أن معارضةَ الإصلاحِ بطولة.

لكنهم يجهلون أنَّ القيادةَ الصادقةَ لا تُقاسُ بعددِ الأتباع بل بقدرةِ القائدِ على إصلاحِ الخطأ ومواجهةِ الفسادِ بالحكمةِ لا بالبطش.

 

يهمسون أن “ولايةَ الوزيرِ انتهت” غير مدركين أن ولايةَ اللهِ لا تنتهي وأن من يعملُ للهِ وللوطنِ يبقى أثرُهُ وإن غابَ شخصُه.

 

كلمةُ ختام

 

نحن اليوم بأمسِّ الحاجةِ إلى وعيٍ مؤسسيٍّ يُعيدُ الاعتبارَ للكوادرِ والطلبة ويكسرُ جدارَ الصمتِ أمام التسلّطِ الإداريّ والمصالحِ الشخصية.

فالإصلاحُ لا يُولَدُ من الخوف بل من الجرأةِ في قولِ الحقيقة.

ولْنُدركْ جميعًا أن القيادةَ فكرٌ ومسؤولية لا منصبٌ وسلطة وأن القصورَ لا تكونُ سعيدةً ما دامت الأكواخُ حزينة.

مقالات ذات صلة

آخر الأخبار