
إيران تواجه الغرب: صمود وتحدٍ وإرادة لا تُقهر
كتب/عبدالله صالح الحاج-اليمن
الحصار لا يولّد الضعف… بل يصنع القوة
لم يكن الحصار يومًا نهاية لدولة عظيمة، بل بداية تشكّلها من جديد. حين أراد الغرب أن يُسقط إيران بالعقوبات، لم يدرك أنه يوقظ روح أمة تعرف كيف تصنع من الألم أداة نهوض، ومن العزلة مدرسة لبناء الذات. فالحصار في الوعي الإيراني ليس قيودًا، بل امتحانًا يثبت من يملك قراره ومن يرهن مصيره.
منذ فجر ثورتها الإسلامية عام 1979م، وإيران تخوض حربًا مع نظام الهيمنة العالمي، حربًا لا تُدار بالمدافع فقط، بل بالعقول والإرادة. لقد راهن الغرب على أن العقوبات الاقتصادية الشاملة ستكسر عصب الثورة، فإذا بها تخلق اقتصادًا مقاومًا، وصناعة وطنية مكتفية بذاتها، ومنظومة علمية باتت تُصدّر العقول بدل أن تستوردها.
في لحظات الشدة تحوّلت طهران إلى ورشة سيادة وطنية. كل مؤسسة، وكل جامعة، وكل مصنع أدرك أن الصمود ليس شعارًا بل ضرورة بقاء. ومن رحم الحصار خرجت مشاريع الطاقة النووية السلمية، والتكنولوجيا الصاروخية، والاكتفاء في الصناعات الدفاعية والطبية والزراعية، حتى باتت إيران تمتلك شبكة إنتاج مستقلة تمامًا.
لقد أرادوا أن يجوع الشعب الإيراني، فشبِع بالعزة. وأرادوا عزله، فصار محطّ أنظار الشرق. وأرادوا إذلاله، فارتفعت مكانته بين الشعوب التي رأت في تجربته نموذجًا في التحدي والصمود. الحصار لم يوقف إيران عن دعم حلفائها، بل رسّخ فكرة محور المقاومة الممتد من طهران إلى بغداد، ومن دمشق إلى بيروت، وصولًا إلى صنعاء، في مواجهة المشروع الأمريكي–الصهيوني–الإماراتي الذي يسعى لإعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية جديدة.
⚔️ *إيران في مرمى الغرب: صراع الهيمنة والإرادة*
لم يكن صراع الغرب مع إيران مجرد خلاف سياسي أو صراع مصالح اقتصادية، بل مواجهة بين مشروعين متناقضين: مشروع الهيمنة الغربي، ومشروع الاستقلال الشرقي الذي يرى في الحرية والسيادة الوطنية حقًا مقدسًا لا يُساوَم عليه.
منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979م، أصبح الغرب يرى في إيران تهديدًا لنظام عالمي قائم على الطاعة. ومنذ ذلك اليوم، بدأ حصار شامل بأدوات متعددة: اقتصادية، سياسية، إعلامية، واستخباراتية، لكنه اصطدم بعقل إيران الاستراتيجي وإرادتها الصلبة.
الغرب الذي اعتاد أن يرى الشرق ضعيفًا، وجد نفسه أمام تجربة تختلف عن كل تجاربه السابقة. إيران لم تركع، ولم تساوم، ولم تفرّط في قرارها السيادي. بل إنها، رغم العقوبات، استطاعت أن تفرض نفسها لاعبًا أساسيًا في كل الملفات من الخليج إلى القوقاز، ومن بحر العرب إلى البحر المتوسط.
⚛️ *النووي الإيراني: معادلة ردع لا تُقهر*
امتلاك القدرة النووية لم يكن ترفًا علميًا لإيران، بل شرط وجود سياسي وأداة ردع استراتيجية. منذ بداية مشروعها النووي، واجهت طهران هجمة استخباراتية وغربية شرسة، لكنها حولت كل عقبة إلى فرصة لتعزيز مكانتها.
برنامجها النووي لم يكن سلاح دمار شامل، بل سلاح توازن شامل، ردع بالعقل لا بالقنبلة، وبالعلم لا بالتهور.
العالم تابع بدهشة كيف تحوّلت إيران من دولة محاصَرة إلى دولة تفاوض القوى الكبرى بندية كاملة، مثبتة أن الردع الحقيقي ليس في القنابل، بل في القدرة على منع الآخرين من التفكير بالعدوان أصلًا.
🕵️ *المعركة الخفية: اغتيالات واستخبارات وردع محسوب*
المعارك الكبرى لم تُخضَ في الميدان فقط، بل في الظلال. منذ انتصار الثورة، أنشأت إيران منظومة استخباراتية متقدمة تقوم على “الأمن العقائدي”، حيث تُدار كل العمليات بحنكة استراتيجية ودقة متناهية.
خلال العقدين الماضيين، شهدت إيران سلسلة اغتيالات استهدفت أبرز علماءها النوويين وقادتها العسكريين، أبرزهم: الشهيد محسن فخري زادة عالم النووي عام 2020، وقادة بارزون في فيلق القدس والحرس الثوري الذين اغتالهم عملاء استخبارات غربية–صهيونية–أمريكية. الهدف كان تقويض برنامجها النووي والتأثير على صلابتها الدفاعية.
لكن الرد الإيراني كان محسوبًا ودقيقًا، يراعي التوقيت والمكان والرسالة الاستراتيجية. فقد اعتمدت طهران على استخبارات مضادة، ضربات انتقامية دقيقة، وتعزيز الأمن الشخصي للعلماء والقادة الآخرين، مع استمرار البرنامج النووي والصاروخي بلا توقف.
آخر الردود كانت على اغتيال فخري زادة، حيث أعلنت إيران عن سلسلة عمليات استخباراتية مكملة لإحباط مخططات مشابهة، وتوجيه رسالة واضحة للعالم: كل اعتداء على العلماء أو القادة سيقابله رد مناسب يضمن حماية الدولة ومشاريعها الاستراتيجية، ولن يمر دون عقاب مدروس.
العالم بأسره تابع بدهشة كيف تحوّلت إيران من دولة محاصَرة إلى دولة قادرة على ردع الأعداء في الظل، وتحويل التهديدات إلى استراتيجية صمود، مثبتة أن قوة العقل والتخطيط تتفوق على مجرد القوة المادية.
🛢️ *النفط والسلاح: أدوات الغرب التي تحولت إلى قوة إيرانية*
سعى الغرب دائمًا لتوظيف النفط والسلاح كأدوات ضغط، لكنه اكتشف أن إيران استطاعت تحويل الموارد إلى قوة سياسية، والسلاح إلى وسيلة ردع وليس اعتداء.
حتى في مواجهة العقوبات النفطية، نجحت طهران في إيجاد أسواق جديدة، وبناء تحالفات استراتيجية مع الصين وروسيا والهند، مما خنق محاولات الغرب لفرض سيطرته على أسواق الطاقة في الشرق الأوسط.
🌪️ *الغرب بين فشل الردع وارتباك الموقف*
كل محاولات الغرب لردع إيران انتهت بنتائج عكسية. كل حصار فرض على إيران، خرجت منه أكثر استعدادًا، وكل محاولة لعزلها دبلوماسيًا، وجدت لنفسها موطئ قدم أوسع في العالم. أوروبا وأمريكا اكتشفا أن العقوبات لم تعد كافية، وأن إرادة إيران تتجاوز المال والسلاح. لم يعد الصراع تقليديًا، بل فلسفيًا: قوة الإرادة والمبادئ أمام القوة المادية وحدها.
🌍 *إيران وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد*
إيران لم تعد مجرد لاعب إقليمي، بل صانعة موازين القوة. امتداد محورها الاستراتيجي من طهران إلى البحر المتوسط، ومن العراق وسوريا ولبنان إلى اليمن، أعاد تشكيل الخريطة السياسية والقرار الاستراتيجي في المنطقة.
دعمها لحلفائها ونص

