المقالات

معاوية الثاني: صوت الحق في بيت الشيطان ..بقلم الصحفية..زينب كاظم .. العراق 🇮🇶 

أفكار بصوت مرتفع

معاوية الثاني: صوت الحق في بيت الشيطان ..بقلم الصحفية..زينب كاظم .. العراق 🇮🇶

سنسلط الضوء في هذا المقال على شخصية حيرت التأريخ كله الا وهي شخصية معاوية الثاني, إذ أنه في ظلال الحكم الأموي الذي تلطّخ بالدماء والمؤامرات، برز اسمٌ أدهش التاريخ ثم غاب سريعًا:

معاوية بن يزيد بن معاوية، الشاب الذي جلس على عرشٍ من نار، فلم يُغوِه الملك، ولم يُخرسه الخوف.

لقد كان بحقّ صوت الحق في بيت الشيطان.

سنذكر خطبته المؤثرة التي طالما انهالت دموعنا عند قراءتها أو سماعها خطبته التي هزّت قصر الشام

فبعد وفاة أبيه يزيد بن معاوية، اجتمع الناس إلى معاوية الثاني يطلبون منه البيعة، فصعد المنبر وقال — كما يروي ابن الأثير في الكامل في التاريخ (ج4، ص130)، وابن كثير في البداية والنهاية (ج8، ص241)، والمسعودي في مروج الذهب (ج3، ص83):

> “إنّ جدّي معاوية نازع الأمرَ من كان أحقّ به منه، وهو عليّ بن أبي طالب، فركب بكم ما تعلمون، حتى صارت الخلافة إليه بالسيف لا بالحق، ثم لم يزل الناس في بلاء حتى قُتل الحسين بن علي ظلماً وعدواناً، وقد علمتم أن جدّي وأبي حملا وزر ذلك، والله ما ذاقا حلاوته، فها أنذا قد وُلّيتُ أمركم، فإني لا أجد لنفسي عذراً أمام الله إن قبلتُها، فشأنكم وأمركم.”

بهذه الكلمات الجريئة الحقانية التي لم يُسمع مثلها من بيت بني أمية، أعلن معاوية الثاني براءته من إرث الدم، وتنازل عن العرش طائعًا، رافضًا أن يواصل مسيرة الظلم التي بدأها جدّه وأبوه.

لقد كانت تلك اللحظة اعترافًا صريحًا بأن الحقّ كان في بيت عليّ لا في بيت بني أمية.

ومن المؤلم جدا اغتيال الصوت النقي

لكنّ كلمة الحق لا تُترك حيّة في قصرٍ يسكنه الطغيان.

فقد غضب مروان بن الحكم غضبًا شديدًا، ورأى في معاوية الثاني خطرًا على بقاء الدولة الأموية، إذ إن اعترافه بالظلم يُسقط شرعية الأسرة كلها.

تذكر روايات المسعودي في مروج الذهب وابن خلدون في تاريخه أن مروان دبّر مؤامرة للتخلّص من هذا الشاب الزاهد، فدُسّ إليه السمّ في طعامه أو شرابه، فمرض أيامًا معدودة، ثم توفّي سنة 64 هـ، ولم يتجاوز عمره العشرين عامًا.

وقيل إنهم دفنوه سرًّا دون ضجيجٍ أو جنازةٍ علنية حتى لا يثير موته اضطراب الناس في الشام.

وهكذا أُطفئ ذلك النور الضعيف الذي أضاء فجأة في قصرٍ مظلم.

أنه رجلٌ من الأمويين بضمير علويّ

تحيّر المؤرخون في أمر هذا الشاب:

أهو أمويّ النسب أم علويّ الروح؟

نشأ في بيتٍ يملك الدنيا، لكنه تبرّأ منها وواجه أسرته بالحقيقة. لم يطلب مُلكًا ولا مالًا، بل طلب أن يلقى الله نقيّ القلب.

يقول المسعودي عنه في مروج الذهب:

> “لم يُرَ في بني أمية من هو أزهد منه في الملك، ولا أصدق لهجة منه في الإقرار بالحق.”

لقد كان معاوية الثاني دليلًا على أن الفطرة السليمة لا تموت، وأن الله يبعث في كل عصرٍ شاهدًا على الحق، ولو في قلب الظلام.

رحل معاوية بن يزيد مبكرًا، لكن صوته ظلّ يهزّ صفحات التاريخ.

تلك الخطبة القصيرة، وذلك الاعتراف الجريء، كانا بمثابة توبةٍ أموية نادرة، وصرخة ضمير من داخل بيتٍ اعتاد على القهر والسيف.

سيبقى معاوية الثاني شاهدًا على أن الحق لا يُمحى، حتى لو وُلد في بيت الشيطان.

سندرج بعض المصادر التي بحثنا فيها عن تلك الشخصية التي صرخت بالحق في بيت ابليس

المراجع والمصادر

ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج4، ص130.

ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص241.

المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص83.

ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج3، ص84.

الذهبي، سير أعلام النبلاء (ترجمة معاوية بن يزيد).

مقالات ذات صلة

آخر الأخبار