منوعة

حصاد صحفي جزائري في باريس ♦الصحفي والكاتب بوعلام رمضاني ” للراصد الدولية” بكيت الدم وليس الدموع فقط يوم صدور كتاب “ابادة غزة”في الجزائر.◽حاورته سمية معاشي 

حصاد صحفي جزائري في باريس

♦الصحفي والكاتب بوعلام رمضاني ” للراصد”

◽حاورته سمية معاشي

_____

🔸في حوار مميز مع الصحفي والكاتب الجزائري المقيم في باريس، بوعلام رمضاني، يتناول هذا اللقاء العديد من القضايا الشائكة التي تؤرق العالم العربي والعالم أجمع. من خلال كتابه “إبادة غزة”، يسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين ويكشف عن التحديات التي يواجهها الصحفيون والمثقفون الذين يتجرؤون على التعبير عن الحقائق المرة في وجه الظلم. في هذا الحوار، يتحدث رمضاني عن الأسباب التي دفعته لكتابة هذا الكتاب، ويكشف كيف أن البعد الجغرافي عن وطنه الأم لم يؤثر في مواقفه الوطنية والإنسانية. كما يناقش تأثير الصحافة والإعلام على الأدب، ويعرض رؤيته حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في التفاعل مع القضايا الأدبية والسياسية. هذا الحوار هو نافذة مفتوحة لفهم أكثر عُمقًا للمواقف الفكرية والإنسانية التي يحملها الكاتب الصحفي بوعلام رمضاني، الذي يبقى صوته حاضراً في مواجهة القضايا المصيرية رغم التحديات السياسية والاجتماعية.

مرحبا بك:

◾كيف يمكنك وصف كتابك ” إبادة غزة ” للقراء ( بدل القراء)الذين لم يطلعوا عليه ؟ وما الذي دفعك لاختيار هذا الموضوع المؤلم لكتابته ( بدل لكتابة هذا الكتاب)

▪️ الكتاب رد على المكارثيين الجدد الذين مازالوا يمنعون بنعومة بديعة كل من ينتقد إسرائيل ، ووصفه ما تقوم به في فلسطين بالإبادة . هؤلاء يتهمون كل من يتجرأ على الإجهار بذلك بالمعادي للسامية ، وهو الإتهام الذي يطال حتى اليهود وغير اليهود من الأجانب غير العرب ، ومن بينهم المؤرخ الكبير إيلان بابي صاحب كتاب ” التطهير العرقي لفلسطين” ، وناعوم شومسكي اللساني الأمريكي الشهير، والسياسي الفرنسي جان لوك ميلنشون . الإتهام طال الكتاب والصحفيين الذين حاورتهم أو الذين تناولتهم في مقالات، ومن بينهم ألان غريش الذي لفت الإنتباه في مقاله الأخير إلى خطورة سن قوانين يعاقب بموجبها كل متحدث عن إبادة غزة . الخوف من استعمال التعبير ، يفسر الصمت المطبق لعدد كبير من المثقفين والمواطنين الفرنسيين والمثقفين العرب المقيمين في فرنسا ، ومن بينهم هؤلاء الذين عرفوا بمواقف تقدمية تتعلق بحقوق الإنسان والحرية والعدالة. الذين ينتقدون إسرائيل ولا يستعملون حتما تعبير الإبادة مفضلين تعبير جرائم ضد الإنسانية ، يتم التعتيم عليهم إعلاميا . من بينهم روني برومان الطبيب والمدير السابق لمنظمة ” أطباء بلا حدود ” ، وسيلفان سيبال صاحب كتاب ” إسرائيل ضد اليهود ” . صالح حموري سجين القدس الفرنكو فلسطيني ، والذي قامت إسرائيل بترحيله إلى فرنسا بصفة تعسفية وغير قانونية في تقديره ، هو أبرز شخصية كتبت عنها في كتابي ، باعتباره سجينا عايش وعاش كل أشكال التفرقة العنصرية في إسرائيل ، وهو لا يتردد في استعمال تعبير الإبادة . إمريك كارون الصحفي الفرنسي الذي قام بإخراج فيلم ” غزة بعد السابع أكتوبر ” هو الآخر من المغضوبين عليهم سياسيا ، ومن ضحايا التعتيم الإعلامي في قنوات تابعة للوبيات مؤيدة لإسرائيل ، وليس في كل القنوات الفرنسية .تناولته في كتابي إلى جانب مخرج إسرائيلي وأخر فلسطيني . الإثنان أخرجا فيلم ” لا أرض أخرى ” ، وهو الفيلم الذي ترك عميد مدينة برلين وصف الإثنين بالمعادين للسامية إثر عرضه في مهرجان برليم السينمائي الشهير.شخصيا ، واستنادا لموقفي المبدئي من نضال الشعب الفلسطيني الذي يجاهد لاستعادة أراضيه من استعمار استيطاني ، لم يمكن لي التفرج على إبادة تتأكد معالمها من يوم لاخر بشهادة منظمات حقوقية غربية .كتابي مسألة حياة أو موت ، وهو تعبير عن تأييدي لنضال الشعب الفلسطيني بقلمي المتواضع . كتاب جزائري يعرف معنى الإبادة .

◾كتابك يتناول أحداثا مأساوية . لقد بكيت الدم ، وليس الدموع فقط يوم صدوره في الجزائر.

هل تعتقد أن الكتابة حول مثل هذه المواضيع تساعد على إحداث تغيير سياسي أو اجتماعي ، أم هي مجرد توثيق لتاريخ مِؤلم؟

▪️ـ لم تساهم الكتابة يوما ما في إحداث تغيير سياسي ، وليس هذا هو هدف الكتابة . التغيير تحدثه الشعوب وقادة يؤمون بقضاياهم . الكتابة تساهم في شحذ الهمم ورفع المعنويات والتوعية باعتبارها سلاحا ناعما تتزايد قوته على أوسع نطاق في ظل ثورة التواصل الرقمي العابر للقارات . كتابي وثيقة تؤرخ لإبادة غزة المكتملة الأركان ، وموقف مبدئي لصحفي وكاتب جزائري مقيم في باريس . اليوم، لم يعد للكاتب الدور الذي كان يقوم به في السابق. وسائل التواصل ، أصبحت تؤثر بشكل أقوى على أجيال جديدة ولدت معها . هذا لا يعني أن الكتاب لم يعد ضروريا . يبقى كذلك ، لكن الترويج له لم يعد يتم بشكل تقليدي تجازوه الزمن الرقمي الذي يتوجه لكل الفئات الاجتماعية دون حدود.

◾أنت ككاتب مغترب ، كيف تؤثر المسافة الجغرافية بينك وبين وطنك الأم الجزائر ، وبين فلسطين على رؤيتك للأحداث التي تعيشها المنطقة ؟ وهل تعتبر أن المغتربين يمكن ان يكون لهم دور أكبر في نشر الوعي حول القضايا العربية ؟

▪️ المسافات لا تحدد مواقفنا عقلانيا ووجدانيا . الإنسان هو نفسه العقلانية والذاتية ، ويمكن أن يجسدها أو لا يجسدها في وطنه أو في أوطان آخرى سواء كان من عامة الناس أو من النخبة. التفاعل أو عدم التفاعل مع وطنه أو مع قضايا الإنسان نتيجة لعدة اعتبارات تتجاوز الموقف الإيديولوجي ، وتساهم في بلورتها التربية قبل وعي رهانات العالم ، ودخول معترك الحياة المهنية . أنا شخصيا ، كنت نتاج تربية والدي رحمهما الله، ووالدي بوجه خاص. تعلمت من أبي حب الوطن دون دوغمائية وشطط ، ودون ذاتية غارقة في شعاراتية شعبوية تحول دون مناهضة الباطل والفساد والرداءة السياسية . ابي الأمي كان ناصريا ، وكان يتفاعل مع القضايا العربية التي كان يتابعها عبر الراديو ، ورحل تاركا مذياعا قديما اشتريته من سوق الحاجات القديمة في باريس. الغربة لا تترك كل المغتربين يتفاعلون مع أوطانهم حتما ، والعيش في الوطن لا يدفع على ذلك حتما أيضا. هناك جاليات حملت هم وقضايا أوطانها إلى الخارج ، وساهمت في تقدمها . الجاليات الأوروبية قامت بذلك في معظم الحالات ، خلافا للجاليات العربية . السلطة الحاكمة مسؤولة في تحقيق ذلك ، والعكس صحيح . جاليتنا الجزائرية ، مازالت بعيدة عن الدور الذي لعبته الجاليات الأجنبية.تفاعلي مع وطني تثبته كتاباتي الصحفية وكل كتبي وخاصة كتاب” أحب وطني رغم أنفكم ..صحفي وسط الحراك ” . أصرف من جيبي ، وأضحي بحياتي الخاصة لخدمة وطني . فعلت ذلك قبل هجرتي .

◾بالنظر إلى تجربتك الشخصية في الكتابة الصحفية ، كيف تؤثر تجربتك في الصحافة على اسلوبك الأدبي ؟ هل هناك تداخل بين العمل الصحفي والإبداع الأدبي في كتاباتك ؟

▪️ أسئلتك العميقة والشائكة تحتاج إلى أطروحات فكرية للإحاطة بكل جوانبها وتجلياتها. في هذا الحديث أكتفي بالجوهر. الأدب هو كل أنواع الكلمة مكتوبة أو شفهية . الجدلية بين الصحفي والأديب قائمة في كل الحالات ، لكن الصحافة غير الأدب حتى ولو كان الصحفي نتاج قراءات أدبية وغير أدبية متنوعة . السيطرة على اللغة بخصوصيات تختلف من نوع أدبي لأخر ضرورة للصحفي ، وخاصة إذا اقتحم في وقت لاحق حقل النقد . الكتابة الأدبية غير الكتابة الصحفية ، وقد تتعارضان إذا راح الصحفي ضحية التنميق والإستطراد والإنشاء على حساب شروط الكتابة الصحفية ، وعلى رأسها الدقة وتفادي الحشو والتكرار والتعبير الفضفاض . بتواضع ، أعتقد أنني تفاديت ما وقع فيه الكثير من الصحفيين الذين يكتبون باللغة العربية ، ومن بينهم الذين اقتحموا الصحافة بروح أدبية خالصة . الموهبة لا تكفي في الصحافة ، والتكوين ضروري والثقافة الهامة ضرورية أيضا ، خلافا لحتميتها عند الشاعر والفنان . الصحفيون الذين يكتبون باللغة الفرنسية تفادوا ذلك في معظم الأحيان. علاقة الصحافة بالأدب محسومة من زمان ، وانتقال الكثير من الصحفيين إلى الرواية دليل على صحة ذلك. الشعر حالة أدبية خاصة جدا ، ولا تخضع حتما للعلاقة التي تربط الأدب بالصحافة.غناء اللغة العربية ، أوقعت الكثير من الصحفيين في المحظور مهنيا حينما يتعلق الأمر بالكتابة الصحفية . في الصحافة نضع الكلمة المناسبة بدقة في المكان المناسب دون مرادفات . موضوعيا ، لا اعرف موقعي مما قلت ، وعلى القراء والنقاد الرد على الشق الأخير لسؤالك.

في رأيك ،

◾ما هي أبرز التحديات التي يواجهها الكتاب الجزائريون اليوم دوليا؟وكيف يمكن لهم تحسين حضورهم ؟

▪️إنها تحديات ناتجة عن غياب استراتيجية ديبلوماسية في المجال الأدبي . يجب إعادة النظر في واقع النشر الكارثي حاليا . الكتاب لا يوزع في الجزائر فما بالك في الخارج، ولست الوحيد الذي يعاني من غياب التوزيع ونقص المكتبات وغلق الكثير منها . الكتاب ليس سلعة ككل السلع ، ويمكن إطلاق المبادرة الخاصة ، لكن ليس على حساب دور الدولة التي يجب ان تدعم الكتاب كما هو الحال حتى في البلدان الأوروبية الليبرالية . لا كتاب دون حرية إبداع ، ولا إبداع دون جو ثقافي مدروس ومتكامل ، ولا إبداع في ظل انتشار سماسرة ولصوص النشر ، ودعم سياساوي قائم على الزبونية والمحاباة. اليوم ، الكتاب الجزائري حبيس داخل فوضوي ومناسباتي ، ولا يصل إلى الخارج إلا بمناسبات الصالونات. يحدث هدا في الوقت الذي يمكن للجزائر أن تحضر بقوة عربيا وعالميا بكتابها الموهوبين من الجيلين القديم والجديد.

◾هل ترى أن الأدب الجزائري شهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة ؟ وهل توجد أسماء جديدة تعتقد أنها ستترك بصمتها في الساحة الأدبية الجزائرية ؟

▪️نعم ، وهناك أسماء كثيرة لم تأخذ حقها من النقد في غياب متخصصين في المجال الذي لا يمكن للأدب أن يتطور دونه . قرأت للبعض ، ولم أقرأ للكثيرين بحكم تواجدي في الخارج وعليه لا اسمح لنفسي الحكم على أسماء دون أخرى . أسماء بديعة باللغتين العربية والفرنسية يمكن أن تتجاوز آخرين اشتهروا في الخارج لأسباب غير إبداعية ، ومن بينهم بوعلام صنصال . كما يقول مالكوم إكس ” يمكن للإعلام أن يتركك تحب أو تتعاطف مع هذا أو ذاك أوتكره شيئا ما أو هذا أو ذاك ” وهذا ينسحب على الكتابة والكتاب بعيدا عن شروط الإبداع . سيلين مثال صارخ في فرنسا ، واليوم بوعلام صنصال وكمال داود في الجزائر وفي فرنسا . في الجزائر ، مازلنا بعيدين عن الإستراتيجية الديبلوماسية في المجال الثقافي بالشكل الذي يسمح لكتابنا ولكاتباتنا دخول معترك الحرب الناعمة الإيديولوجية في كل الحالات بالإبداع أو دونه . لا توجد كتابة دون إيديولوجية .

◾في سياق الصحافة الجزائرية ، كيف ترى تأثير الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي على الأدب الجزائري ؟ هل تساهم هذه الوسائل في نشر الأعمال الأدبية أم أنها تشكل تهديدا للتقاليد الأدبية ؟

▪️وسائل التواصل الاجتماعي لا تهدد الإبداع بكل أنواعه ، والبقاء للأصلح كما كان الحال في السابق. عوض مقاربة وسائل التواصل الاجتماعي من منظور سلبي باعتبارها تهديدا لكل أشكال الإبداع بسبب الحرية التي تضمنها لكل من هبّ ودبّ، يجب مقاربتها إيجابيا من منطلق تفاعل أكبر عدد ممكن من الناس مع كل أنواع الكتابات سلبيا وإيجابيا كما هو الحال في الإعلام القديم . عمليا ، لا يمكننا الوقوف في وجه التطور التكنولوجي ، وتنوع الجمهور (حتى إذا تعلق الأمر بالحمقى على حد تعبير أمبرتو إيكو الروائي والفيلسوف الإيطالي الكبير الراحل )، يشكل تحديا للكتاب وللقراء في الوقت نفسه ، والشتم الذي يتعرض له بعض الكتاب بدل مقاربتهم نقديا ، يكشف عن الوجه الحقيقي لدى هذا الكاتب أو لدى هذا القارىء ( مثال التفاعل مع رواية ” هوارية ” دليل صحة ذلك ). وسائل التواصل الاجتماعي ثورة حقيقية من منظور تفاعل غير مسبوق ، ووجهه القبيح هو وجه إيجابي في تقديري استنادا لما قلته سلفا . التقليد الجديد لا يهدد الأدب ولا الكتابات الإبداعية الآخرى بل يعطيها وجودا أوسع وأكثر ديمقراطية ، والقراءة الإلكترونية مكسب لا يمكن الوقوف في طريقه ، وعلينا بالتكيف مع جديد الحياة بوجه عام ، وجديد التواصل عبر وسائل لم نكن نتصورها من قبل . إقبال جيل جديد على أدب ” الرومانسية المظلمة ” ( دارك رومانس باللغة الإنجليزية ) أو الأدب القائم على مزيج من الحب والرغبة والجنس والعنف( نموذج رهينة لسارة ريفنس) ، دليل نشوء أدب يتوجه لشبان وسائل التواصل الاجتماعي ، وعلى رأسها تيك توك . بدل التعالي عليه ، يجب دراسته سيكولوجيا وسوسيولوجيا وثقافيا .

◾هل هناك كاتب أو عمل أدبي معين كان له تأثير كبير على مسيرتك الكتابية ؟ وكيف شكل هذا التأثيرطريقتك في الكتابة ؟

▪️ـ اقرأ كثيرا ، ولدي ككل الكتاب والصحفيين ميولات نحو كتاب معينين . ربما تأثرت ببروست صاحب الجمل الطويلة. لا أعرف إن كانت لدي طريقة خاصة في الكتابة والقراء والنقاد هم الآدرى بها موضوعيا . كل ما يمكنني تأكيده كصحفي بالدرجة الأولى هو أنني اكتب وفق قناعات مبدئية بعيدة عن كل أنواع المصالح الضيقة . قناعات قد يقبلها البعض ، ويرفضها البعض الآخر بطبيعة الحال . أحرص قدر الإمكان على الكتابة عن قضايا تفرضها المهنية بشكلها المتعارف عليه . الكتابة الصحفية صعبة ، وتحتاج إلى مقومات يصعب السيطرة عليها في كل الأنواع الصحفية ، والحديث الصحفي مثلا من أصعب الأنواع ،لأنه يكشف عن مستوى وثقافة ،ومبدئية وذكاء الصحفي .

◾ككاتب يعيش في المهجر ، هل تعتقد أن الكتابة في الخارج تمنحك زاوية نظر مغايرة عند تناول قضايا الوطن ؟ وكيف تؤثر البيئة المحيطة بك على أعمالك؟

▪️لا شك في ذلك لأنها نتيجة لمحيط غير محيطي الأصلي. يؤثر البعد عن الوطن في الكتابة ، لكن من زوايا أكثر خصوصية ( هل الغربة هي المنفى حتما ، وهل المنفى أمر سلبي حتما). سؤالان يجب الرد عليهما ، والمجال لايسمح بذلك كما تعرفين . بالنسبة لي، حاولت تجاوز منفاي الناعم ( لم يتم نفيي بقرار سياسي)، بتحسين أدائي المهني ، وكتبي وعملي في صحف ومنابر جزائرية وعربية كثيرة دليل صحة ذلك . باريس أشهر العواصم الثقافية عالميا صنعت ما أنا عليه اليوم بعد الجزائر التي تعلمت فيها الصحافة على ايدي كبار أساتذة الإعلام ،وصحيفة ” الشعب ” مدرستي الصحفية الأولى .

◾هل لديك طقوس خاصة أو عادة معينة تتبعها أثناء الكتابة ؟ وما هي العوامل التي تساعدك على الإبداع والتأليف ؟

▪️اكتب مباشرة بعد أن أستيقظ من النوم في الصباح أو بعد القيلولة. العزلة وحدها تسمح لي بالكتابة ،و لا عزلة دون هدوء . الشيىء نفسه ينطبق على القراءة.

◾كيف تعتقد أن الأدب يعكس حالة المجتمعات العربية في الوقت الحالي ؟ وهل ترى أن هناك فرقا بين الأدب العربي اليوم والأدب في الماضي ؟

▪️يعكسه جزئيا . غياب حرية التعبير لا تسمح بالتعبير عن كل أزماته وعلى رأسها أزمة حرية التعبير التي تعد شرطا أساسيا للإبداع . التيار اليساري الذي سيطر على المشهد الأدبي أسير قراءات ضيقة للواقع العربي والإسلامي . الإسلاميون راحوا ضحيتها باسم الحداثة ، وقلة هم الذين أبدعوا لتخليد المعاناة الفلسطينية بوجه عام ، وإبادة غزة بوجه خاص، واهتموا بقضايا تتعلق بالداخل العربي . الدفاع عن حرية المرأة و الجنس والقضايا التاريخية والإجتماعية سيطرت في الرواية على حساب التنديد بأزمة الإيديولوجيات القمعية الرسمية التي تسببت في التطرف الديني ، ناهيك عن السكوت على تناقضات الغرب الذي مازال يسعى إلى فرض حداثة على مقاسه . الحداثة تنتج من الداخل وليس من الخارج ، ولو أن الـتأثر بها أمر مباح وشرعي إنسانيا . القمع السوري الخرافي الذي طال في سوريا،وأدى إلى سقوطه مؤخرا دليل على صحة ما أقول ، والخارج يوظف أجنداته بقوة حينما تتوفر له الأرضية بداخل المجتمعات العربية والإسلامية التي تعج بالقمع .قليلون هم الذين ابدعوا في تخليد المعاناة الفلسطينية ، ومن بينهم الراحل إلياس خوري في رواية ” باب الشمس” و عدنية الشبلي في رواية ” تفصيل صغير ” التي منعت في صالون الكتاب بفرنكفورت . الأدب العربي الراهن جيد بعدد كبير من الروائيين الذين طغوا بحكم تراجع الشعر أو عدم الترويج له . لا يمكن ذكر بعض أو كل الذين أبدعوا في عدة بلدان عربية معروفة بتقاليدها الأدبية ، لكن معظم القراء مازالوا ضحايا إعجاب بروائيين عرب رحلوا قبل دخولهم تاريخ المجد ، ومن بينهم نجيب محفوظ . في الجزائر ، هناك طفرة إبداعية في مجال الرواية ، وللأسف الشديد ، لم تعرف الاهتمام الكافي واللازم بسبب غياب النقد الأكاديمي إلا في حالات نادرة .

◾هل ترى أن الكاتب يجب أن يطل محايدا في كتاباته أم يجب أن يكون له موقف واضح تجاه القضايا السياسية والإجتماعية ؟

▪️الحياد خرافة كبيرة عند عامة الناس ، فما بالك عند النخبة . عدم اتخاذ موقف هو موقف في حد ذاته . غزة أوضحت ذلك أكثر من أي وقت مضى.

◾هل تحب أن تكتب عن مواضيع محلية وعالمية ، أم أنك تميل أكثر للكتابة عن قضايا ذات طابع خاص؟

▪️المعيار ليس جغرافيا . المعيار مهني قبل كل شيىء . الصحفي المحترف، لا يمكن أن يتفرج على قضايا مصيرية تتجاوز المسافات والأزمنة . قضايا تفرض نفسها عليه من منطلق مبدأ الآنية الملتهبة . مثلا ، لم انتظر ضجة كال داود لأكتب عنه ، كما أنني لم انتظر سجن بوعلام صنصال لأكتب عنه .بكل تواضع ، أعتقد أنني اجتهدت لتجسيد ذلك قبل وبعد هجرتي إلى باريس . باريس سمحت لي أن أبرزها أكثر ، ومقالاتي وحوارتي واستطلاعاتي شاهدة على صحة ذلك. وظفتها في كتب ترد على سؤالكم ، ومن بينها كتابي الجديد ” إبادة غزة …حصاد صحفي جزائري في باريس . شكرا لكم على أسئلتكم الوجيهة والذكية التي مكنتني من التعبير عن مواقفي في أخطر سياق عربي وإسلامي يلمع بكوكتيل تراجيديات غير مسبوقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار