الثقافة والفن

نص.. نداءٌ ضائع.. بقلم الشاعر عباس علي الناصري جمهورية العراق

نص.. نداءٌ ضائع.. بقلم الشاعر عباس علي الناصري جمهورية العراق

 

أما بعد…

كان نوحٌ هنا

ينحُتُ من دموعهِ سفينةً لنا

كان بيننا، بين ظهرانينا

يبني لنا من صبرهِ قاربًا

من تعبِ النداءِ في فمه

من رجفةِ الإيمانِ في دمه

من لعنةِ الصمتِ على شفتيه

من وجعِ الخذلانِ في عينيه

 

من صمته… يخلقُ قبرًا!

من ضلوعهِ اليابسة

من جروحهِ النازفة

قال: لن نغرق

بل سنأكلُ بعضنا بعضًا!

أنا نبيكم

أنا ضحيتكم!

 

ركبنا السفينة

تعلمنا الوقوف على الماء

رقصنا على جثثِ الغرقى!

تعلمنا الانقسام

والاقتسام

كالقراصنة!

نسطرُ وصايا الراحلين ونكتبُ بدمِ الخائنين!

 

ثم نظرنا إليه

مثقلًا بعباءته

مغطى بدمِ الغرقى!

بعينينِ ترقُبانِ الحياة

تترقُبانِ الوفاة!

 

بخطواتٍ إلى الضفةِ

أو إلى القاع!

رحلتنا غيرُ دقيقة

هربنا من الحقيقة!

رؤوسنا متخمةٌ

غارقةٌ بالكذبِ!

قلوبنا تؤمنُ بالموجِ

بالغرقِ!

 

قلنا: يا نوح

لم نعد نطيقك!

لا نريدُ طريقك!

بل نريدُ حريقك!

رفعناهُ كالذنبِ

كالقربانِ!

قذفناهُ كالأحمالِ

كالحجارة!

 

ثم نظرنا إليه

يبتعدُ نبوءةً

لعنةً!

نداءً ضائعًا!

صرخةً!

ظلًا بلا جسدٍ

 

عباس علي 🇮🇶

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار