دمعة الغيرة بقلم / احمد عزيز الدين احمد جمهورية مصر العربية

دمعة الغيرة بقلم / احمد عزيز الدين احمد جمهورية مصر العربية
_______
أغضبتني… فارتَعدتْ في مقلتيَّ عُيوني
والنارُ تسكنُ خافقي وجُفوني
لِمَ قد نظرتِ إلى الغريبِ لحظةً؟
أما علمتِ… بأنّني مجنونِ؟!
أنا لا أُحبُّكِ بل أُعاني من هوًى
لو طالَكِ النسناسُ منْ غصنِ السكونِ
غِرتُ عليكِ من الكلامِ، حروفهِ
لو مسَّ خَدَّكِ حرفُهُ المفتونِ!
غِرتُ عليكِ من الضياءِ لأنّهُ
قد شقَّ ثوبَ الليلِ فيكِ بلينِ
غِرتُ منِ الكُحلِ الذي في عينِكِ
إن خانَ عشقي أو بدَتْ منه شؤونِ!
غِرتُ عليكِ من القماشِ لأنّهُ
قد ضمَّ خصركِ في الهوى المفتونِ
غِرتُ من الماءِ الذي لمستهُ
كأنَّهُ عانقْتِهُ… لا ليني!
غِرتُ منِ الرِّيحِ التي قد مرّتِ
بخطأ الهوى، وتمايلتْ في طينِ
غِرتُ من الشمسِ التي في نورِها
بشَرَتْكِ، فاحترقَ النهارُ بدوني
يا ليتَني كنتُ الهواءَ ببابِكِ
أو حرفَ صوتكِ حينَ قلتِ: “عيوني”
يا ليتَني كنتُ الرفيفَ بأهدُبٍ
تبكيكِ إن تبكِي الحياةُ شجوني
يا ليتَني حجرًا على كتفِ المدى
لا شيءَ يلمسكِ سوايَ بدوني
هل تُدركينَ؟! الغيرةُ استوطنتْ دمي
واختارتِ القلبَ الحزينَ حصوني
أنا لا أُطيقُ حديثَ غيري عنكِ، لا
وأُراهنُ الأنفاسَ أنْ تكفيني
ما بينَ قلبِكِ والورودِ قصةٌ
إن نازعتني.. أحرقتُ كلَّ فنونِ!
لو تُهتِ عني، للزوالِ صلاتُهُ
ما بينَ طرفِكِ والهوى المفتونِ
فأنا الغيورُ إذا تكلّمَ ظلُّهم
أصغيتُ حتى صِرتُ لا يُسموني!
إنّي حبيبٌ حينَ أغضبُ تشتكي
منّي المرايا، والجبالُ، وعُروني
لكنّني، رغمَ الجراحِ، أحبُّها
وأذوبُ فيها… كالندى بزهوني
إنْ قلتِ: “مالي غيرُ عينيكَ الرؤى”
أبصرتُ فيكِ شروقَ كلّ فنونِ
وإذا شككتِ بغِيرتي… فاسألي
الريحَ: مَن في الأرضِ غيري دوني؟!
دمعة الغيرة (الجزء الثاني)
إنّي أغارُ… إذا تلفّتَ ظلُّكِ
للذكرياتِ، وغابَ في التكوينِ
وأغارُ إن همسَ الهوى في سمعِنا
فتوهّمتْ أنينَهُ… أنيني!
أغارُ من ذِكرى تُراودُ حلمَكِ
إن نامَ طرفُكِ عن شهيِّ حنيني
من ضحكةٍ قد سافرتْ في ليلِكِ
من موضعٍ في القلبِ، من تكويني
أغارُ من سطرٍ كُتبْتِ بحبرهِ
قبل التقاءِ مواجعي وحنيني
أغارُ من صمتِ الجدارِ، إذا حكى
عن خطوكِ المغسولِ بالتمكينِ!
أغارُ من مرآتكِ… إن سلّمتِها
وجهَ الصباحِ، وخاصرتِ الياسمينِ
أغارُ من أسمائكِ الـمُنقوشةِ
في دفترٍ من عمرِنا المسجونِ!
حتّى الحروفُ… إذا نطقتِ، هجرتُها
إنْ لم تكنْ نَفَسًا من التكوينِ
أنا لا أُفسّرُ غيرَ حبّكِ آيةً
ما بينَ إنجيلي… وذاك الجينِ
إنّي غيورٌ… والغيابُ يسيلني
ذوبًا على دربِ الهوى المسكونِ
إنْ غبتِ، نامتْ في الضلوعِ مواقدٌ
تجتاحُني، وتصيّرُ التكويني
أينَ اتجهتِ؟! فكلّ دربٍ مسّهُ
ظِلُّكِ يصهلُ في دمي المجنونِ
كم مرّةً قتلتْ غيابي غُربتي؟!
كم مرّةً سائلتها بعيوني:
“هل ضمّها غيري؟ وهل لمستْ يدٌ
خصرَ النخيلِ برقةِ المجذونِ؟
وهل ابتسمتْ لمَن استباحَ حديثها
في لحظةٍ؟! يا ويلي المسجونِ!”
لي في الغرامِ قصائدٌ لم تُكتَبِ
وفي الغيرةِ العمياءِ ألفُ سُكونِ
إن شئتِ كنتُ الطوفَ في وجدانهِ
وإن ارتضيتِ، فأنتِ في تكفيني
أنا عاشقٌ، لكنْ، بصمتٍ قاتلٍ
لا يعرفونَ به سوى التوهينِ
أخشى عليكِ من الخيالِ، كأنّهُ
بابٌ إلى عينيكِ يستدريني
وأظلُّ أحرسُ ضوءَ حلمِكِ كلّهُ
من كلّ وهمٍ عابرٍ… يخديني
فإذا ابتعدتِ… سمعتُ كلّ دقيقةٍ
تُعوي، كأنّ الوقتَ صارَ سجينِي!
الختام….
وإذا نطقتِ… تفجّرتْ أوتارُنا
شوقًا يُمزّقُ سترةَ التمكينِ
فاصمتي قليلاً… إنّ صوتكِ فتنةٌ
تُغري انكساري، تكسرُ التكوينِ
نامي، وعينُ الغيرةِ لا تغفو معي
ما بينَ نارِ الشكِّ واليقينِ
أنا لا أراكِ سوى الهلاكِ لروعتي
وهوى اشتياقي… قاتلي وسكيني!
إنّي غيورٌ… والعذابُ معطّري
وسجائري حُبّكِ… المُستكينِ
فإذا كتبتكِ ذاتَ يومٍ مقطّعًا
فاعلمي: جنّـتني يداكِ… بدونِ!
بقلم / احمد عزيز الدين احمد
؛؛؛؛ شاعر الجنوب
البلد: مصر