
هيئة النزاهة الاتحادية الانتماء الصادق وجنود الظل… حين يُصبح حبُّ الوطن جبهة مقاومة وإرادة التغيير في مواجهة جيوش الفساد” دائرة التحري والضبط في تحقيقات بغداد أنموذجا …
بقلم الكاتب والمحلل الاكاديمي
أ م د. مهدي علي دويغر الكعبي
التدريسي في الجامعة العراقية
مقدمة الكاتب “رغم كل شيء.. لم ييأسوا … قصة رجال صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه”
المقدمة ..
في زمن تعصف فيه رياح التشويه والانقسام والانحدار الأخلاقي يبرز سؤالٌ يبدو بدهيًّا في الوهلة الأولى ما معنى الانتماء للوطن؟
ولِمَ صار لزامًا علينا أن نُعيد تعريف ما يفترض أنه من المسلّمات؟!
الانتماء ليس شعارًا يُتلى في المواسم ولا أغنية تُبثّ في النشرات ولا وردة تُوضع في العيد على صدر الجندي الشهيد ثم تُنسى في الزوايا المظلمة
الانتماء الحقيقي هو سلوكٌ فطري وغريزي يولد مع الإنسان ويتجذر في وعيه الجمعي ويكبر مع كل خفقة قلب تنبض بحب الأرض وكل دمعة تسقط على تراب الوطن.
لكننا اليوم في زمنٍ صار فيه التشكيك بالثوابت فضيلة والانفصال عن الجذور نوعًا من “التحرر”!
زمنٌ انقلبت فيه المعايير وتلوثت فيه القيم، حتى أصبح الفاسد بطلاً، والناهب “مستثمراً”، والخائن “منظراً”، فيما الوطنيون الحقيقيون يُلاحَقون يُغيَّبون أو يُشيطنون!
ومع هذا ما زال هناك رجالٌ آمنوا أن الوطنية ليست كلمات بل مواقف… وليست رايات بل ضمائر
أولئك الذين يعملون بصمت بعيدًا عن عدسات الإعلام يحملون شعارًا بسيطًا في كلماته عظيمًا في معناه “حبّ الوطن من الإيمان”.
نعم، إننا نتحدث هنا عن جنود مجهولين…
لا يحملون البنادق، لكنهم يواجهون جيوش الفساد.
لا يسكنون القصور، لكنهم يحرسون كرامة الوطن من الانهيار.
هم رجال هيئة النزاهة، ولا سيما دائرة التحري والضبط في تحقيقات بغداد، الذين اختاروا أن يكونوا آخر جدار يقف بين العراق والانهيار.
هم الصف الأمامي في معركة لا تقل خطورة عن معركة السلاح…
معركة استعادة المال العام
معركة تطهير المؤسسات
معركة إعادة الاعتبار إلى العدالة
ورغم كل ما يواجهونه من محاولات طمس وتشويه
ورغم “عاتمة السماء” كما يقال،
ورغم الضغوط والتحديات والتهديدات،
فإنهم مستمرون… لأنهم لا يعملون طمعًا بمنصب،
بل إيمانًا برسالة.
عندما تحب وطنك… تستبق الخطر
تحذر من الفاسد كما تحذر من الغازي
وتخشى على أرضك كما تخشى على عرضك.
الوطنية ليست غريزة عمياء بل بُعد نظر واستشرافٌ للمستقبل. وما أكثر من تاجروا بالوطن حين ظنوه شركة، أو غنيمة، أو مجرد يافطة!
لكن في المقابل نجد هؤلاء الذين لم ينحنوا، ولم يترددوا يتقدمون الصفوف بلا ضجيج.
يكتبون سطور الإصلاح بأحبار النزاهة لا المزايدات.
في كل تقرير يُكتب بدقة
في كل ملف فساد يُفتح بشجاعة
في كل توقيف قانوني يُنفّذ بحرفيّة
في كل ملاحقة لمفسد مهما كان “منيعًا”
هناك رسالة واحدة تُكتب: “ما زال في العراق من يُحبّه بصدق”.
في النهاية …
الانتماء ليس خرافة ولا ترفًا فكريًّا هو طوق النجاة لأوطاننا وكلّما صمد المخلصون ازداد الأمل بأن الغد لا يُصنع بالخطابات بل بالأيادي الطاهرة التي تعمل بصمت وتحلم بوطن لا تُباع فيه القيم ولا تُشترى الضمائر.
فمن مثلكم يا رجال النزاهة؟
أنتم الوطنيون الذين لم يُصفّق لهم الإعلام
لكنّ دعاء الأمهات لكم أصدق من كل جائزة…
ونحن نعلم أن الشمس ستسطع مهما طال ليل الفساد.
وسيعرف الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.