“جماليات موسيقى نصير شمه… إيقاعات وجدانية تُنمّي الثقافة الروحية”
إعداد الباحثة والناقدة: دنيا صاحب – العراق

“جماليات موسيقى نصير شمه… إيقاعات وجدانية تُنمّي الثقافة الروحية”
إعداد الباحثة والناقدة: دنيا صاحب – العراق
تُظهر موسيقى الدكتور نصير شمه الفريدة قدرة استثنائية على التعبير عن المشاعر العميقة المرتبطة بالقضايا الإنسانية والروحية، لتصبح وسيلة غنية تغذي الأرواح بتردداتها الصوتية الدقيقة، وتجدد محتوى الأفكار، وتحول الانفعالات العاطفية من السلبية إلى الإيجابية. إذ تمتلك الموسيقى القدرة على استثارة الإدراك الحسي الفوري، وتركيز الانتباه على صور الجماليات وتعزيز الاستقرار النفسي والعاطفي والفكري، لتقود الإنسان نحو جوهر ذاته، نحو أن يكون إنسانًا متأملاً واضحاً في استجاباته الروحية والوجدانية.
تتسم الموسيقى الروحانية والخيالية التي ابتكرها نصير شمة بأنها بحر لا ينتهي من الأمواج العاطفية والمشاعرية تغمر المستمع بغبطة الحياة السهلة وتدفعه نحو التأمل في آفاقها الواسعة. هذه التجربة الصوتية في الموسيقى الصوفية تعيد الحيوية للروح الجامدة وتحرك المشاعر الوجدانية نحو السمو الروحي، لتصل بالإنسان إلى عوالم عليا سماوية، فتدفعه للتعبير عن خوالجه بطرق إبداعية متعددة، كالكتابة الشعرية أو الرسم أو غيرها من أشكال الفنون في الحياة.
كما تمتلك موسيقى نصير شمة قدرة فريدة على إثارة المشاعر ونقلها من باطن الروح إلى مسرح الوجود ، لتصبح لغة عالمية تتجاوز الحواجز الثقافية و الجغرافية والعرقية واللغات فتصل مباشرة إلى إحساس الإنسان الداخلي بطرق غالبًا ما تعجز الكلمات عن تحقيقها. وتتجسد هذه القدرة في العناصر الأساسية للموسيقى: تناغم اللحن بالنغمات، والإيقاع، والمقامات، إلى اضافة الى طريقة عزفه بشكل انسيابي بجودة ومهارة عالية والتي تخلق تجربة سمعية مفعمة بالعاطفة الوجدانية ، تعكس دوافعنا الداخلية بأمانة ودقة ووضوح سواء في سيمفونية احتفالية مبهجة أو حزينة مليئة بالحنين، فإن الموسيقى تستثير مشاعر الفرح وسعادة أو الحزن أو الحماس أو الحنين والشوق بمختلف الحالات النفسية.
علاوة على ذلك، تُعد موسيقى نصير شمه وسيلة للتعبير عن الذات، ونموذجًا حساسًا للتنوير إذ تمكّن المبدعين والمستمعين من التواصل مع أعماق خوالجهم وفي عالم الموسيقى، يجتمع التناغم مع الإبداع ليمنح الألبومات طابعها الفني الخاص، بحيث لا يقتصر دور الموسيقار نصير شمة على إنتاج صوت متوازن فحسب، بل يمتد ليصبح لوحة فنية ملهمة أو قصيدة شعرية تنطق بالإبداع. وهذا ما يجعل الموسيقى فنًا جمالياً متكاملًا يتجلى الجمال الروحي والوجداني إلى تجربة حسية وفكرية فلسفية تعكس عمق الثقافة الإنسانية وترسخها في النفوس البشرية.
في النهاية، يمكن القول إن موسيقى نصير شمه ليست مجرد تجربة موسيقية صوتية، بل رحلة فلسفية نحو الذات وعالم داخلي من النور والجمال. إنها تُنمّي الثقافة الروحية وتثري المشاعر الإنسانية، لتصبح ألة العود أداة تربط بين الفن والإدراك الروحي العميق بين الخيال والحقيقة تربط بين العقل والقلب في تناغم مع جمال الروح.

