الثقافة والفن

أضاءة نقدية لقصيدة ﴿﴿قلقة﴾﴾للشاعرة العراقية (عطايا الحمداني). بقلم الدكتور حمزه علاوي مسربت.

Exif_JPEG_420

اضاءة نقدية لقصيدة ﴿﴿قلقة﴾﴾للشاعرة العراقية (عطايا الحمداني).
بقلم الدكتور حمزه علاوي مسربت. العراقي.

قلقة ..
أتُراني عَجَزتْ …
أوهَنتَني … يا كلك مني
رهبة أشعلت بي النار
مقيدة يدي
متاهة أعترت فكري
أرتَبَكْتُ وكلي هلع
تَسَاقَطتْ دموعي
أنزويت لوحدي …
مكتفية بالبكاء
خطواتي واهنة
أخشى عليه
حد النشيج
يرتجف شغافي له
ليتني أضمه بين
جوانح أشتياقي
تبا لها القيود
كم موغل بيّ عشقك
يالطرافته صمت الأنين
يستبيح إنطفائي
وصوتك المهموس
يسكن ذاتي
اللعنة لأعراف كبلتني
أدمت مواجع اصطباري
محمومة أنا بك
ماذا لو اغمضت عيني
وتوستدك بين أضلعي
عله يستكين بي ألمك
مرتبكة كارتعاش ميس الورد
في مهب الريح
مالي أتوه
لو باغتني صوتك
يبيت ناعسا على خاصرتي
طفل يحلم بالذراع
لا أنكر كم أحبك
ليتك تعلم تتسرب بين أضلعي
احببتك غربة قصيدة
مغروزة في لظايَ
مجذوبة بتيم هواك
دع همسنا يطول
كم ساحر
عناق الهمسات
نٌحلق عصفوربن
في ربيع كل الفصول
لا مأوى لدينا
غير كوة في غابة
قصية
أنهلُكَ إشتياقي
وتجمعني لهفة بقاء
هي منى أحلام
راعفات
معا نكون دون إنفصال
كن بخير لأجلي
حبيبي

يعبر عنوان قصيدةالشاعرة (عطاء الحمداني)عن قراءات نفسية متعددة ،من التوتر والشد الذهني،والعقلي،يصاحبه اضطرابات عصبية،وصعوبة التركيز على الصورة المرئية. يمنح العنوان المتلقي مساحة من افق الانتظار ،وقراءة الانزياح التركيبي .

أتُراني عَجَزتْ …
أوهَنتَني … يا كلك مني
رهبة أشعلت بي النار
مقيدة يدي
متاهة أعترت فكري
أرتَبَكْتُ وكلي هلع
تَسَاقَطتْ دموعي
أنزويت لوحدي …
مكتفية بالبكاء
خطواتي واهنة
أخشى عليه
حد النشيج)؛
تستخدم الشاعرة الاستفهام التصوري كمادة للتشويق والتفكير،واشراك المتلقي واستدراجه لقراءة النص؛ اتخذت من تساؤلها مادة للبوح عم في جوانحها،فما بين التساؤل والبوح رسمت الشاعرة امنياتها.تمازج بين الصورة الجسدية والبصرية،من أجل خلق تنوع بصري ،يوازي التنوع الصوتي، بتكرارها صوت -الياء- للانفعال،وعدم البوح بالمشاعر، و-التاء-للحزن والمعاناة،وكذلك صوت الهمزة-أ- الانفجاري، والقاف لتقوية المعنى المقصود من شدة القلق: انهم ما بين المهموس والمجهور؛كل ذلك جاء ليتوافق مع الحالة النفسية القلقة للشاعرة؛ووفقا لذلك تمكنت من خلق توازن صوتي وصوري في النص.توظف مفردات(القلق ،الرعب،والهلع) كمفردات نفسية تعبر عن دلالة الخوف،والقلق الذي انتابها ؛ فضلا عم تخلقه هذه المفردات من دلالات ايقاعيةتجسدها الصور السمعية،والبصرية.تتخذ من التجانس اللفظي -اوهنتمي،واهنة-تعبيرا دلاليا عن التوتر ، والملامة للآخر، فضلا عن انها جرسا موسيقيا ،يدق مسامع المتلقي ،ويشده للنص. توظف اللفظتين -كلك،وكلي-دلالة الحضور والغائب/الشمول والتذكير ما بين مخاطب ومتكلم .تنوع في تراكيبها النحوية_ تساقطت دموعي،البكاءوالنشيج_لما لها من دلالة الحزن ومرارة الخطاب،وتجسيم الصورة البصرية والصوتية، والتي بدورهما تخلق نوعا من التراسل الحسي الذي يعزز بلاغة النص.

(يرتجف شغافي له
ليتني أضمه بين
جوانح أشتياقي
تبا لها القيود
كم موغل بيّ عشقك
يالطرافته صمت الأنين
يستبيح إنطفائي
وصوتك المهموس
يسكن ذاتي
اللعنة لأعراف كبلتني
أدمت مواجع اصطباري
محمومة أنا بك)؛
توظف الافعال المضارعة،لاعطاء النص الحركة المستمرة في الخطاب الرومانسي،الذي يستوطن بين حماستها،وشدة العاطفة والوجد،وبين اضلعها؛ كل ذلك يعبرعن خوالجها الباطنية،وظواهرها المكبلة بالقيود . تواكب الصراع بين التمني،والدعاء.توظف -تبا-كدلالة تعبيرية عن الزجر ،التنبيه والتحدي للقيود التي كبلتها.وتتخذ من استفهامها-كم-دلالة لتعظيم العشق.تتخذ من الطرافة دلالة الغرابة والتعجب؛ وتشاكل مابين الصمت والانطفاء،لتعبر عن حالتها النفسية، ووجدها،ومشاعرها الداخلية العاجزة عن البوح للآخر تحاول ان تظهر للمتلقي المعاناة الذاتية،وتجعله يستقرىء،ويستنبط المكنون من خلال قراءة المنولوج الداخلي لها.تستخدم الضمير المتكلم -انا-لتوكيد حضورها مع المخاطب الغائب. تكرر صوتي: الميم المجهور المعبر عن دلالة الاضطراب والضعف،والحزن،والشين المهموس المعبر عن الانتشار، والصفير؛ فكلا الصوتين وردا ليتوافقا مع معاناتها الذاتية ، هذان الصوتان ينصبان في خانة تماسك النص،ما بين الانكسار ووحشةالغياب.تعاني من لعنة الاعراف التي كبلتها، ارادت ان تعتق نفسها،من قيود المجتمع، وتخرج من دائرة الصبر ،وضجرها منه ،تناشد حرية رومانسية ،تمهد السبيل للقاء من أهوته..للقاء الجسد والروح .يدور الحوار مع ذاتها مع حضور الغائب ؛ بنت صورة الحوار على الأيحاءات الخيالية ، وما هو قاطن في عقلها الباطن .

(ماذا لو اغمضت عيني
وتوستدك بين أضلعي
عله يستكين بي ألمك
مرتبكة كارتعاش ميس الورد
في مهب الريح
مالي أتوه
لو باغتني صوتك
يبيت ناعسا على خاصرتي
طفل يحلم بالذراع
لا أنكر كم أحبك
ليتك تعلم تتسرب بين أضلعي
احببتك غربة قصيدة
مغروزة في لظايَ
مجذوبة بتيم هواك)؛
تتسائل وتتمنى ان تتحقق الصورة الحسية الساكنة في مخيلتها، تبحث عن استجابة ما بين الرؤية القلبية والبصرية؛ وهذا ما يحقق تمازج الروح والجسد،المادي والروحي، تتنفسه بعمق،كي تزفر انفاسها الساخنة،وتبدأ عمليات اشتغال العقل الباطن،واندماج الواقع والخيال الذي يسرح بها.توظف صوت المد الطويل-الياء- كدلالة عن امتداد الحسرة والمعاناة،التي تمظهرت من داخل النص الى خارجه-القوافي،مشيدة مع تكرار التاء المهموسة،تواشجا صوتيا يماثل الأنين الباطني للشاعرة؛ هذا التكرار الصوتي يعمل على سبك النص،واظهار قيمته الجمالية،وترابط عناصره اللغوية عند القراءة والاصغاء.تشبه ارتعاشها الجسدي باهتزاز ميسم الورد عندما يداعبه الريح؛وهذا ما يعطي النص الصورةالحركية، الحسية، والبصرية،والمادية-الجسد-كل هذه الصور ترسي التراسل الحسي في النص-اضفاء صفة الجسد على الورد-،فضلا عن وجود تقارب صوري بين الحالتين: الارتباك يعبر عن مدى الشوق للقاء الآخر؛ واهتزاز الميسم يرمز الى استقبال حبات اللقاح ،كي يتم اللقاء وتثمر الحياة،وتتلاقى المادة والروح .
تثوي جملها الشعرية ما بين التساؤل والتمني،وهذا يمنح النص تنغيما موسيقيا ،يحلو للمتلقي بتموجاته الايقاعية . تتخذمن صوته الناعس تشبيها صوريا بالطفل السارح بغفوته ويترنح على خاصرة امه ، يتمنى ان تلفه ذراعيها بالحنان؛ هذه الصورة الشعرية توازي مع ما تحلم به،في اختضان الغائب عنها. يبعث صوت الآخر التأجيج العاطفي، ويخفف حدة التوتر . هذه الصور الشعرية تعمل على سبك النص، واثارة عاطفة المتلقي.تصفه بغربة قصيدة ،غاب عنها القارىء،وتوسمت بسواد حروفها ،صماء،بكماء،لاينشدها الا من زرع بها العشق. وجدت الشاعرة في الغربة ،دلالة الشعور بالوحدة،ومن المجدوب دلالة شدة العشق؛ وهذا يدل على انها مستبد بها الحب ،وقد ذهب عنها العقل من شدة الوجد.

(دع همسنا يطول
كم ساحر
عناق الهمسات
نٌحلق عصفوربن
في ربيع كل الفصول
لا مأوى لدينا
غير كوة في غابة
قصية
أنهلُكَ إشتياقي
وتجمعني لهفة بقاء
هي منى أحلام
راعفات
معا نكون دون إنفصال
كن بخير لأجلي
حبيبي)؛
تستخدم الشاعر الاسلوب الامري الذي يحمل دلالة النصح والارشاد.
يحمل الهمس دلالة الصوت الخفي-الصمت-،الذي يعزز التواصل، والوجود،فلغة الصمت ابلغ من الكلام ،تسهل الاستبطان، واكتشاف الذات،وتنمية الوعي الذاتي لكل من العاشقين.تتخذ من _الهمس_ لغة ايمائية تعبر عن مقام العاشقين،ويتم فيها تبادل الاحاسيس البصرية، والاشارية بينهما.تكرر صوت الهاء المهموسة في النص، كي تتوافق مع حالة همسهما.توظف الجناس اللفظي_همسنا،الهمسات_كايقاع موسيقي ،فضلا عن التركيز على قصدية المقام.تجعل من العصفورين كناية عن الروحانيات،ورمزا للارواح المجنحة، ودلالة تعبر عن الحرية، وانعتاقهما من الصمت،والانتظار. وظفت الربيع كدلالة زمنية،ومكانية :فيه تحتفل الطبيعة بالاخضرار ،ومنه مكان لقاء الطيور -الغابة،وتعشعسها،هذه الصورة الفنية ،والوصفية اتخذت منها الشاعرة مشهدا يوازي ماتتمناه ان يتحقق بينهما-العاشقين .توظف_راعفات_ كعلامة سيميائية حمراء ,تعبر عن احلام جريحة.تمتهن الترادف اللفظي _الشوق ،اللهفة_ كايقاع موسيقي رومانسي، وما يحمله من دلالة الشوق ،الحسرة والحزن لفراق المعشوق.
تستخدم النفي -دون- لاعطاء النص توازن حركي بين الثابت والمتحرك ؛ البعدوالقرب،هذه الثنائيات هي ائتلاف وحركة لفظية ،ومعنوية من السبك والحبك في النص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار