الثقافة والفن

سرد تعبيري.. كَانَّ يَنْقُصُنِي كَسْرًا.. وَأَنْتْ أَكْمَلْتَهُ**بقلم الأديب الدكتور مهدي علي الكعبي جمهورية العراق “..  

في ظلامِ الخيانةِ.. تَشرقُ الكرامةُ ..

في قاعِ الظُّلمِ حيثُ يَختنقُ الحَقُّ بِأكفِ الباطلِ، وقَفْتُ وَحيدًا.. لَيسَ سيفي إلّا الصِّدقُ وليسَ دِرعي إلّا النَّزاهةُ. رُغمَ أنَّ السَّحابَ الْتَفَّ حولي والْخُطى تَعثُرُ في مَزالقِ الْخِيانةِ إلّا أنَّني عَلِمتُ أنَّ الْفَجْرَ يَأتي بَعدَ أظلمِ اللَّيالي.

الْخِيانةُ.. في ظَهْرِ الْوُدِّ! .

صديقُ الأمسِ حامِلُ أسرارِي وَرَفيقُ الدَّربِ كَانَ أوَّلَ مَنْ نَسَجَ الْخَيطَ الْأسوَدَ في نَسيجِ وَحْشَتِي. لَمْ تَكُنْ سِنِينَ الصَّداقةِ إلّا وَهْمًا يَسْقُطُ كَزُجاجٍ عَلَى صَخْرَةِ الْغَدْرِ. لَمْ يَأْلُ جُهدًا في تَزييفِ أوراقِي وَرَسْمِي بِصُورةِ الْخائِنِ حتّى صِرْتُ سَجينًا لِكَلِماتٍ لَمْ أتفوَّهْ بِها، وَأغْلاقٍ لَمْ أُقْفِلْها.

السَّجنُ.. مَلْجَأٌ لِمَنْ لَا مَلْجَأَ لَهُ! ..

لِسَنتَيْنِ، تَحوَّلَ الْحَبسُ إلى خلوةٍ مَعَ الذَّاتِ. هُناك تَعلَّمتُ أنَّ الْحُرّيةَ لَيْسَتْ خَلفَ الْقُضبانِ، بَلْ في صَمْتِ الْكَريمِ عَنْ صَغارِ الْأخلاقِ. كُنتُ أَرْفُضُ أنْ أكونَ وَريقَةً في كِتابِ الْباطلِ، فَاخْتَرْتُ أنْ أكونَ سَطرًا مَحذوفًا في سِجِلِّ الظُّلمِ. وَفِي النِّهايَةِ، انْكشَفَ الزَّيفُ، وَعادَتِ الْأوراقُ إلى مَكانِها.. لَكِنْ بَعْدَ أنْ خَسِرْتُ وَظيفَتي، وَأشخاصًا ظَنَنْتُهُمْ جُدرانًا لِعُمْري.

الْخُروجُ.. انْتِصارُ الْكَرامَةِ!

بَعْدَ الْعاصِفَةِ، خَرَجْتُ أحمِلُ غُصْنَ زَيْتونٍ.. لَيْسَ لِي، بَلْ لِتاريخٍ سَيَحْكُمُ بِالْعَدْلِ. رَأيْتُهُمْ يَصْعَدونَ مَناصِبَ الْعُلوِّ، يَتَباهَوْنَ بِبِدَلاتِ الْقُوَّةِ، وَيَنسَوْنَ أنَّ الْأخلاقَ عُروةٌ لا تَنْكسرُ. هُمُ الْآنَ تَحْتَ أَقْدامِي.. لَيْسَ بِمَعنى الْهَزيمَةِ، بَلْ بِمَعنى أنَّ الْعُلوَّ الْحَقِيقِيَّ هُوَ ما يَبْقى في قَلْبِ الْإنسانِ.

نَصيحَةٌ لِمَنْ يَقرَأُ سِجِلَّ الْخِيانةِ:**

لَا تَحْزَنْ إنْ تَحوَّلَ الْقَريبُ إلى غَريبٍ.. فَالنَّارُ تُحرِقُ الوَريقَةَ قَبْلَ أنْ تُنيرَ الدَّربَ. وَتَذَكَّرْ أنَّ الْحَقَّ لَا يُطْمَسُ.. فَالشَّمْسُ حتّى لو غابَتْ، سَتعودُ بِضِياءٍ يُبْهِرُ الْعُيونَ.

 

سرد تعبيري.. كَانَّ يَنْقُصُنِي كَسْرًا.. وَأَنْتْ أَكْمَلْتَهُ**بقلم الأديب الدكتور مهدي علي الكعبي جمهورية العراق “..

لَوْ عُدْتُ بِالزَّمَنِ، لَاخْتَرْتُ نَفْسَ الدَّربِ.. فَالْكِسرُ وَحْدَهُ مَنْ يَجْعَلُ الْمَرْءَ يَبْحَثُ عَنْ جُذورِهِ، وَالْخِيانَةُ وَحْدَها مَنْ تُذكِّرُنا أنَّ الْوُجودَ الْحَقِيقِيَّ.. هُوَ أنْ تَبقى إنسانًا رَغمَ أنَّفِ الْعالَمِ.

كَتبَهُ مَنْ عَلَّمَتْهُ الْحِكْمَةُ أنَّ “الْأخلاقَ أناقةٌ.. وَما كُلُّ مَنْ يَلْبسُ الْذَّهبَ أنيقٌ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار