نص. زمنٌ يتعثّرُ في التيه بوزيد كربوعي .

نص. زمنٌ يتعثّرُ في التيه بوزيد كربوعي .
أريد أن أصوغ اللحظة حلمًا،
أن أسرقَها من ضوء النهار العاري،
وأُخفيها في حضن الليل،
كطفل يبحثُ عن دفء النجوم.
سرقتُ من الزمن قبسًا خافتًا،
خبّأتُه بين أضلاعي،
علَّهُ ينبتُ زهرًا في روحي اليابسة،
أو يرمّمَ نافذةً هشّمتها العاصفة.
كم يؤلمني أن أستظلَّ بظلٍّ غريب،
أن أترك رأسي معلقًا على مشجب الريح،
وأبحثُ عن صوتي في المدى،
فلا أجد سوى الصدى يتهاوى.
الفوضى شبحٌ بملامحَ ضائعة،
تنسلُّ من ثقوب الغياب،
تغمسُ المدن في صقيع رمادي،
وتطفئ القمر في أنفاس الدخان.
سأكتب عن الأحلام المتشردة،
عن ربيع ينمو في شقوق الخراب،
عن طيور لا تنكسرُ أجنحتُها،
ولا تغفو على هاوية النسيان.
الذكرى نهرٌ بلا ضفاف،
يحفرُ مجراه في الوقت الهارب،
كأن المسافةَ بيني وبين النور
ليلٌ يتكاثر في العتمة،
ثم يتبدّد رمادًا في الريح.
سأبعثرُ أوراقي بين الفصول،
علَّني أرتّب هذا الشتات في صدري،
وأغمسُ أطرافي في قوسِ قزح،
لعلّه يمنحني لونًا لا يخون.
لا صوتَ للملح، لا نافذةَ للعيون،
والزمنُ مقامرٌ أصم،
يلقي بنا في أرصفة التيه،
كما يلقي البحرُ أشرعةً مهترئة
في أفواه العاصفة.
ما عدنا نرتدي إلا الحنين،
أحلامٌ سقطت من جيبِ الفراغ،
تلوّنت بالصمت،
لكنها لم تنطق،
فالريحُ ابتلعتْ حروفها،
وتركتها تتسكعُ على أرصفة العراء.
بوزيد كربوعي .


