
(رجال حول الرسول )اعداد السيد جعفر طاهر العميدي عتبة بن غزوان٠٠غدا ؛ ترون الأمراء من بعدي))
اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى اله وصحبه وسلم تسليما
من بين المسلمين السابقين والمهاجرين الأولين إلى الحبشة فالمدينة٠٠٠ ومن بين الرماة الافذاذ الذي ابلوا بلاء حسنا ٠٠هذا الرجل الفارع الطول المشرق الوجه المخبت القلب((عتبة بن غزوان))٠٠٠ كان سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام وبسطوا إيمانهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبايعين ومتحدبن قريشا بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام٠٠٠ ولما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة إلى الحبشة خرج عتبة مع المهاجرين٠٠ بيد ان شوقه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدعه يستقر هناك فسرعان ماطوى الير والبحر عائدا إلى مكة حيث لبث بجوار النبي حتى جاء ميقات الهجرة إلى المدينة فهاجر(عتبة بن غزوان) مع المسلمين ومنذ بدأت قريش تحرشاتها فحروبها و(عتبة ) حامل رماحه ونباله٠٠ ولم يضع سلاحه يوم رحل عنهم الرسول الى الرفيق الأعلى بل يضرب في الأرض وكان له جهاد عظيم مع جيوش الفرس٠٠ثم أرسله الخليفة عمر بن الخطاب إلى (الأيلة ) ليفتحها وليطهر أرضها من الفرس الذين كان يتخذونها نقطة خطر على قوات الاسلام الزاحفة عبر بلاد الإمبراطورية الفارسية تستخلص منها بلاد الله وعباده٠٠ وقال له ,(عمر بن الخطاب) وهو يودعه وجيشه:(( انطلق انت ومن معك حتى تاتوا أقصى بلاد العرب وأدنى بلاد العجم٠٠ وسر على بركة الله ٠٠ادع إلى الله من اجابك٠٠ومن أبى فالجزية ٠٠ وإلا فالسيف في غير هواده٠٠كابد العدو واتق الله ربك)) ٠٠ومضى (عتبةبن غزوان) على رأس جيشه الذي لم يكن كبيرا حتى قدم( الابلة ) وكان الفرس يحشدون بها جيشا من اقوى الجيوش ونظم عتبة قواته ووقف في مقدمتها حاملا رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفتها وصاح في جنده:((الله اكبر صدق وعده)) وطهر ارض الابلة من جنود الفرس وتحرر أهلها من طغيانهم ٠٠وصدق الله وعده٠٠ واختط (عتبة بن غزوان)مكان الابلة مدينة البصرة وعمرها وبنى مسجدها العظيم٠٠ واراد أن يغادر البلاد عائدا الى المدينة هاربا من الإمارة ٠٠واذا بالخليفة عمر بن الخطاب أمره بالبقاء٠٠ولبث (عتبة بن غزوان)مكانه يصلي بالناس ويفقهم في دينهم ويحكم بينهم بالعدل ويضرب لهم اروع المثل في الزهد والورع والبساطة ٠٠ ووقف يحارب كل مظاهر الترف والاسراف حتى ضجره كل الذين تستهويهم الدنيا والشهوات هناك وقفة(عتبة) خطيبا فقال :(( والله لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم سابع سبعة ومالنا من طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت اشداقنا٠٠ ولقد رزقت يوما بردة فشققتها نصفين أعطيت نصفها ل(سعد بن مالك ) وليست نصفها الآخر )) كان( عتبة ) يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف وكان يخافها على المسلمين فراح يحملهم على القناعة وشظف العيش٠٠ وكان دائما (عتبة )يخاطب الذين يخالفونه في تقشفه يجيبهم قائلا ((اني اعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيما وعند الله صغيرا )) وكان دائما يقول لهم واعظا((غدا ٠٠ترون الأمراء من بعدي)) ولما حج إلى بيت الله الحرام وقضى حجه سافر الى المدينة طالبا من عمر بن الخطاب أن يعفيه من الإمارة لكن الخليفة لم يكن ليفرط في هذا الطراز الجليل من الوافدين وكان يقول لهم ((تضعون اماناتكم فوق عنقي ٠٠ثم تتركوني وحدي ٠٠؟؟٠لا والله لا اعفيكم ابدا)) ولم يكن في وسع ((عتبة بن غزوان) إلا الطاعة راجعا إلى البصرة لكنه قبل أن يعلو ظهر ناقته استقبل القبلة ورفع كفيه الضارعتين إلى السماء ودعا ربه ٠٠عز وجل٠٠ان لايرده إلى البصرة ٠٠٠ولا إلى الإمارة ابدا ٠٠ واستجابة الله دعاؤه٠٠ فبينما هو في طريقه الى ولايته أدركه الموت وفاضت روحه إلى بارئها مغتبطة بما بذلت واعطت٠٠وبما زهدت وعفت ٠٠وبما أتم الله عليها من نعمة ٠٠ وبما هيأ لها من ثواب٠٠٠
اعداد السيد جعفر طاهر العميدي