المقالات

استمرار الفيضان العالى من سد النهضة رسائل إثيوبية وتداعيات خطيرة على وادى النيل عصران الراوي

استمرار الفيضان العالى من سد النهضة رسائل إثيوبية وتداعيات خطيرة على وادى النيل

عصران الراوي

 

بحسب معلومات الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة فإن سد النهضة يواصل لليوم السادس على التوالى تصريف كميات هائلة من المياه نحو السودان ومجرى النيل الرئيسى حيث بلغ تصريف اليوم 30 سبتمبر حوالى 633 مليون متر مكعب بعد أن كان 750 مليون متر مكعب بالأمس ورغم الانخفاض إلا أن الكمية مازالت أكثر من ضعف الإيراد الطبيعى فى مثل هذا الوقت الذى لا يتجاوز 300 مليون متر مكعب يومياً وهو ما يعكس طبيعة الفيضان العالى الذى تتحكم فيه إثيوبيا وتستخدمه كورقة سياسية قبل أن يكون مجرد تصريف مائى

 

الخرطوم تعيش وضعاً دقيقاً إذ استقر منسوب النيل عند 17.23 متر بزيادة 73 سم عن مستوى الفيضان بينما يقترب من الرقم القياسى الذى سجل عام 2020 عند 17.66 متر وتشير صور الأقمار الصناعية إلى غرق مساحات واسعة من الأراضى الزراعية وعدد من القرى على امتداد النيل الأزرق وصولاً إلى الخرطوم ثم شمالها على النيل الرئيسى وهو ما يعكس الخطر الحقيقى من أن تكون مفاتيح النهر رهينة قرار سياسى أحادى

 

ويشير الدكتور شراقي إلى أن إثيوبيا من المتوقع أن تستمر فى خفض التصريف تدريجياً حتى تصل البحيرة إلى منسوب التخزين الطبيعى عند 638 متر مع ترك مترين إضافيين لحالات الطوارئ وبعدها يقتصر التصريف على الإيراد اليومى فقط محذراً فى الوقت ذاته من أن استمرار التدفقات الكبيرة لأيام أخرى قد يعرض سد الروصيرص فى السودان لخطر الانهيار بما يحمله ذلك من تداعيات كارثية على السودان ومصر معاً

 

فى المقابل يستوعب السد العالى فى مصر مياه الفيضان بكفاءة منذ أوائل سبتمبر سواء القادمة من السدود السودانية أو من فيضان سد النهضة إضافة إلى باقى المصادر المائية ليؤكد دوره التاريخى فى حماية مصر من أخطار الفيضان وتنظيم التدفقات لكن الأزمة الأعمق تظل سياسية بامتياز إذ إن التحكم فى التصريف والمنسوب بات ورقة ضغط تستخدمها أديس أبابا فى مواجهة الخرطوم والقاهرة

 

إن ما يحدث اليوم يؤكد أن قضية سد النهضة لم تعد ملفاً فنياً أو تنموياً بقدر ما أصبحت ورقة صراع إقليمى ورسائل سياسية تبعث بها إثيوبيا إلى دول المصب وإلى المجتمع الدولى معاً وهو ما يستدعى موقفاً إقليمياً ودولياً أكثر حزماً قبل أن يتحول الفيضان الطبيعى إلى كارثة سياسية ومائية تهدد استقرار وادى النيل بأكمله

 

ويبقى الدعاء أن يحفظ الله شعوب وادى النيل ويعوض المتضررين عن خسائرهم المتكررة فى مواجهة فيضان تتحكم فيه السياسة أكثر مما تحكمه الطبيعة.

 

مقالات ذات صلة

آخر الأخبار