الذي لم يُكملني… وقتلني”بقلم. جهينه الحسام

“الذي لم يُكملني… وقتلني”بقلم. جهينه الحسام
لم تكن النهاية مفاجِئة.
كنتُ أشعر بها وهي تتسلّل إلى قلبي كل ليلة،
كجنازةٍ تمشي على رؤوس أصابعها…
كي لا تُوقظ الأمل النائم داخلي.
أحببته… حتى لم أعد أنا.
صِرتُ ظلّه، صوته، ملامحه، أحلامه،
وتَرَكني في اللحظة التي احتجتُ أن أتذكّر من أكون.
كنتُ أتعمّق به، كأنني أغرق عن قصد،
كأن كل شيء فيّ يُريد الانتهاء فيه…
وأنا أعلم أنه لن يُمسكني.
أعلم أنه إذا وقعت، سيقف متفرّجاً،
لكنّ قلبي كان يريد الموت فيه… لا النجاة.
وحين خُيّرتُ بين أن أذهب لرجل لا أحبه،
وبين أن أنهي وجودي…
ابتسمتُ للموت.
لم يكن رعباً، بل راحة.
أن تموت حُرّاً، خيرٌ من أن تعيش مع قلبٍ مقيّد لا ينبض لك.
تخيّل أن يكون الانتحار أخفّ من خيارٍ آخر.
أن تقف على حافة الموت وتشعر أنّ القفز أهون
من أن تعيش كذبة لا تُشبهك.
⸻
كنتُ أصرخ داخلي كل ليلة،
ولا أحد يسمع.
لا هو، ولا الحياة، ولا حتى السماء.
أبكي، ولا صوت.
أصرخ، ولا رجع.
أذوب بصمت، كشمعة في غرفة منسية.
هو لم يذهب تمامًا،
ولم يبقَ يومًا.
كالدخان…
بقي عالقًا في كل تفاصيل الذاكرة،
لكنه لا يُشبه شيئًا حيًا.
أثرُهُ في صدري، مثل الحريق بعد الإخماد:
رمادٌ لا يُدفئ… ولا يُنسى.
⸻
في إحدى الليالي،
كتبتُ له رسالةً لم أُرسلها:
“أنت قتلتني، لا حين تركتني… بل حين أوهمتني أنك ستبقى.”
ثم فتحتُ النافذة،
ونظرتُ للعالم كمن يرى فيلمه الأخير.
لم أكن خائفة.
كنتُ هادئة… أكثر من اللازم.
ذلك الهدوء الذي لا يأتي إلا بعد قرار الموت.
⸻
لكنه عاد بعدها بأيام…
كأن شيئاً لم يكن.
كأنه لم يُغرقني، لم يُحرقني، لم يتركني على قيد الفراغ.
قال لي بابتسامة:
“اشتقت لكِ… كيف حالكِ؟”
فنظرتُ إليه طويلاً… وقلت:
“نجوتُ منك… ولستُ على قيد الحياة.

